الزحافات والعلل

تقديم

هي التغيرات التي تطرأ على التفعيلات، فمستفعلن مثلاً يتغير ويجوز أن يكون متفعلن وهكذا في باقي التفعيلات. وهذه التغييرات تسمى بالزحافات والعلل.

فالزحافات : هي تغييرات تطرأ على التفعيلات، لا تلزم غالباً، وقد تقع في العروض والضرب والحشو (بمعنى أنها قد تقع في كل التفعيلات في القصيدة).
والعلل : هي تغييرات تطرأ على التفعيلات، إذا استعملناها لزم غالباً أن نستعملها في جميع القصيدة، ولا تدخل هذه التغييرات إلا في العروض والضرب (بمعنى أنها لا تدخل إلا في آخر تفعيلة من كل شطر).

والعلل نوعان : علل زيادة، وعلل نقص. فالزيادة تكون تغييراً بزيادة في التفعيلة، والنقص عكسه.

مثال وإيضاح للزحاف

قلنا الزحاف : هو تغيير لا يلزم غالباً، وقد يقع في العروض والضرب والحشو. في بحر الكامل مثلاً وزنه :
متفاعلن متفاعلن متفاعلن ..... متفاعلن متفاعلن متفاعلن

فمثلاً إذا دخله زحاف وغيَّر (متفاعلن) إلى (مستفعلن) فإنه لا يلزم منه أن تكون كل الأبيات على نفس القياس. وقد يدخل في العروض والحشو والضرب، فيجوز أن نقول :

متفاعلن متفاعلن مستفعلن ..... مستفعلن متفاعلن متفاعلن
متفاعلن مستفعلن متفاعلن ..... مستفعلن متفاعلن مستفعلن
مستفعلن متفاعلن متفاعلن ..... متفاعلن مستفعلن مستفعلن

فنلاحظ أن التغيرات لم تلزم أن تكون متشابهة في جميع الأبيات على قياس واحد. وإذا رجعنا مثلاً إلى معلقة عنترة بن شداد لوجدنا ذلك جلياً.

يقول عنترة :
هل غادر الشْـ/ـشُعراء من/ متردمِ .... أم هل عرفـ/ـت الدار بعـ/ـد توهمِ
مستفعلن متفاعلن متفاعلن .... مستفعلن مستفعلن متفاعلن
أعياك رسـ/م الدار لم / يتكلم .... حتى تكلــ/ـم كالأصمْـ/ـمِ الأبكمِ
مستفعلن مستفعلن متفاعلن .... مستفعلن متفاعلن مستفعلن
إلى آخر القصيدة [وهي من الكامل].

أنواع الزحاف

والزحاف نوعان: مفرد ومركب.

  • فالزحاف المفرد ما كان في موضع واحد من التفعيلة، كحذف السين من مستفعلن، فتصير متفعلن.
  • والزحاف المركب (ويسمى مزدوجا أيضا) ما كان في موضعين من التفعيلة، نحو حذف السين والفاء معا من مستفعلن، فتصير متَعلن، فتنقلها إن شئت إلى فَعِلَـتن (وهي بنفس الوزن العروضي).

عندنا ثمانية زحافات، هي:

  • الإضمار: وهو تسكين الثاني المتحرك. ويدخل متَفاعلن فتصير متْفاعلن، وتقلب إلى مستفعلن.
  • الوقص: وهو حذف الثاني المتحرك. ويدخل متَفاعلن فتصير مفاعلن.
  • الخبن: وهو حذف الثاني الساكن. ويدخل خمسة من التفاعيل وهي: فاعلن وفاعلاتن ومستفعلن ومستفع لن ومفعولات، فتصير: فعِلن وفعِلاتن ومتَـفْعلن ومتفع لن ومعولاتُ.
  • الطي: وهو حذف الرابع الساكن، ويدخل تفعيلتين هما: مستفعلن ومفعولات، فتصيران: مسْـتَـعلن (وتقلب إلى مفْـتَـعلن) ومفعلات. (ولا يدخل الطي متفاعلن إلا مع الإضمار، دفعا لتوالي خمس حركات، وسيأتي في الزحاف المركب إن شاء الله ).
  • العصب: وهو تسكين الخامس المتحرك، ويدخل مفاعلَـتن، فتصير مفاعلْتن، وتقلب إلى مفاعيلن.
  • العقل: وهو حذف الخامس المتحرك، ويدخل مفاعلَـتن، فتصير مفاعتن، وتقلب إلى مفاعلن.
  • القبض: وهو حذف الخامس الساكن، ويدخل فعولن ومفاعيلن فتصير فعول ومفاعلن. (أما فاع لاتن فلا تكون إلا عروضا أو ضربا في البحر المضارع، ولا يدخلها القبض).
  • الكف: وهو حذف السابع الساكن، ويدخل مفاعيلن وفاعلاتن وفاع لاتن ومستفع لن فتصير مفاعيل وفاعلاتُ وفاع لات ومستفع لُ (ولا يدخل الكف مفاعلتن إلا مع العصب، دفعا لتوالي خمس حركات، وسيأتي في الزحاف المركب إن شاء الله ).

مثال وإيضاح للعلة

قلنا العلة : هو تغيير يلزم غالبا، ولا يقع إلا في العروض والضرب. أيضاً في بحر الكامل مثلاً وزنه كما سبق :
متفاعلن متفاعلن متفاعلن ..... متفاعلن متفاعلن متفاعلن

فمثلاً إذا دخلت على ضربه علة، وغيَّرت (متفاعلن) إلى (متفا) بالنقصان، فإنه يلزم منه أن تكون كل القصيدة على ضربها (متفا) وهذا قد يدخل في العروض والضرب، وصورته في الضرب هكذا :

متفاعلن متفاعلن متفاعلن ..... متفاعلن متفاعلن متـفـا
متفاعلن متفاعلن متفاعلن ..... متفاعلن متفاعلن متـفـا
متفاعلن متفاعلن متفاعلن ..... متفاعلن متفاعلن متـفـا

فنلاحظ أن التغيير لزم جميع الأبيات على قياس واحد. وإذا رجعنا إلى أبيات لأبي دهبل الجمحي وجدنا ذلك جلياً.

يقول أبو دهبل الجمحي :
عقُمَ النسا/ء فما يلد/ن شبيهه .... إن النسا/ء بمثـله/ عُـقْـمُ
متفاعلن متفاعلن متفاعلن ..... متفاعلن متفاعلن متـفـا
نزْرُ الكلا/م من الحيا/ء تخالهُ .... ضَمِنا وليـ/س بجسمه/ سُـقْـمُ
متفاعلن متفاعلن متفاعلن ..... متفاعلن متفاعلن متـفـا

فائدة معرفة الزحافات والعلل

فائدتها تكمن في استطاعة الشاعر الخروج من وزن التفعيلة الأصلية، إذا أعياه الوزن مع السياق الذي اختاره، فيجد فيه فسحة وسعة، يتمكن من خلالها نظم الكلام على وزنٍ معتبر، دون كسور ولا خلل. كما تمنحه الحرية في التلون الإيقاعي بما يناسب موضوعه وحالته النفسية واللغوية.

تنبيه : عرفت أن الشأن في الزحاف عدم اللزوم إذا وقع، وفي العلة اللزوم، ولكن قد يلزم الزحاف، كما قد تلزم العلة.