القراءة المنهجية للنصوص الشعرية

المقدمة

  • تعريف الخطاب الشعري بالتركيز على خصائصه العامة ومبادئه الأساسية، وظروف إنتاجه التاريخية والثقافية والفكرية والاجتماعية..
  • تحديد أهم رواده.
  • التعريف بالشاعر.
  • ملاحظة إيحاأت عنوان النص ونوعه وغرضه وهندسته البصرية، ومعالم بنائه الشكلية العامة (عمودي، حر..) ، تاريخ كتابته، مناسبة إنتاجه، وضع الصفحة في مصدره.. قراءة أولية لأجزاء منه (بدايته، وسطه، نهايته)، ملاحظة الصورة المرفقة به إن وُجدت..
  • من خلال تلك الملاحظات نفترض ونتوقع نوعيته، وطبيعة الخطاب الذي ينتمي إليه، وكذا فكرته العامة.
  • طرح أسئلة فرعية أو عرض العناصر التي سنتناولها في سياق عرض الموضوع.

العرض

الفـهـم

تقديم مكونات المعنى المباشر، واكتشاف معاني النص، كخطوة أساسية لفهم محتواه، وإبراز مضامينه العامة، وجرد أفكاره الأساسية، أو وحداته الدلالية، وترتيبها عن طريق صيغة تحويلية يحددها السؤال، كالشرح والتوسيع…، وتحديد طبيعة موضوعه.

التحليـل

المستوى المعجمي

1) تصنيف الألفاظ في حقول معجمية تتحاقل حول موضوع أو مفهوم واحد. ( والحقل المعجمي لمعنى معين هو مجموع الألفاظ التي يعبر بها عن موضوع معين)، والتي نعتمد في جردها قاعدة المقاربة الموضوعاتية، ك– [ العائلة اللغوية ]: ( الاشتقاق (يا صاح – استصحب )، والترادف ( الألفاظ الدالة على معانٍ مشتركة، مثل تجيش بالدمع مآقينا)، والقرابة المعنوية (أيك – ظل) – مع أخذ دلالة المفردة بحسب السياق (“رأيت قمرا”، فكلمة “قمرا” تدخل ضمن حقل المرأة إذا كانت في السياق).

2) قراءة ألفاظ كل حقل على حدة قراءة عمودية، لاستنباط نواته الدلالية، واختزال مدلوله في كلمة أو عبارة موجزة تلخص فحواه، وتساهم في الكشف عن معنى جديد. وهذا الإجراء هو استخلاص للموضوعات التي يتمحور حولها النص.

3) البحث في مختلف الدلالات التي يمكن الوقوف عندها من خلال الحقول الدلالية، (الحقل الدلالي للألفاظ هو مجموع دلالات لفظ / ألفاظ معينة..)، أي البحث في التقابلات الأساسية والعلاقات بين هذه الحقول الدلالية، وما الذي يجمع وشائجها في علاقة بنائية دالة. فلكل حقل معجمي نسقٌ، يتشكل من متشابهات وأضداد تقيم علاقات تتحاقل فيما بينها، ويستقطبها حقل دلالي.

4) ربط المعجم بنوعية الخطاب الذي ينتمي إليه النص، وذلك من خلال :

  • دراسة اللفظ من الناحية الصوتية (جرس الألفاظ) والإيقاعية والصرفية، وإبراز مدى دلالته على مضمون النص، والخطاب الذي ينتمي إليه. فالألفاظ في القصيدة الإحيائية، مثلا، تميل إلى فصاحة اللفظ، ورصانة التركيب، وفخامة العبارة، وبداوة المعجم، وجزالة الأسلوب، ومتانة السبك.. أما في القصيدة المعاصرة فبعض الألفاظ رموز لحالات نفسية وعاطفية، ومن الطبيعي ألا تُعبر هذه الرموز عن مسمياتها، وأن يختلف فهمها عند كل قارئ حسب تكوينه الثقافي والنفسي.. وقد يختار الشاعر لغة الحديث اليومي، أو اللغة الشعرية النفعية المباشرة، أو اللغة الانزياحية الموحية التي تنتهك معايير الوضوح والعقل والمنطق، أو اللغة الدرامية المتوترة النابعة من الصوت الداخلي المنبثق من أعماق الذات، والمتجه إليها.
  • الاهتمام باللغة الشعرية يتمثل في حسن انتقاء الألفاظ الدالة على المعاني الدقيقة التي تنقل الأحوال الوجدانية، وكذا في توليد الدلالة بكل ما يتوفر عليه اللفظ من قيم صوتية موسيقية وإيحائية تمكن من نقل إيقاع النفس.. فالمعجم يقوم على الاختيار الواعي للفظة الحاملة لشحنة التعبير والتأثير …

5) البحث في دلالة الأفعال وأزمنتها، والأسماء، والمشتقات: فإذا كان الفعل هو ما دل على حركة في الزمن تقوم بها ذات، فإن المشتقات منها ما يحتوي على تلك العناصر الثلاثة. إن الفعل (وتلحق به المشتقات) يحتوي عناصر الحركة والذات والزمن، مما يميزه عن الاسم الجامد الذي لا يحتوي إلا على الوصف الكامن اللصيق بالمسمى ذاته، ويخلو من الحركة أو الزمن، وتلك خصائص تعطي للفعل (وللمشتقات من الأسماء) وظائف مختلفة عن وظائف الأسماء الجوامد، فبينما تدل الجوامد على الثبات، تشير الأفعال والمشتقات إلى الحركة والتحول.

هكذا، وبمثل هذه الإجراأت التحليلية للمعجم، لا يبقى متن النص مفككا، إذ نعمل على إعادة بنائه وفق دلالات جديدة، بإمكانها أن تُحقق متعة متجددة للقراءة.

المستوى الدلالي

ونقف هنا عند دلالات النص، ونستخلص مظاهر انزياحاته، ونصل إلى تحليل الظواهر النصية الأكثر تجريدا مثل : (القيم الرمزية والصور الشعرية والبنيات العامة..)

1) دراسة الصور:

  • رصدها واستخراج نماذج منها ؛ تحليلها من خلال : مصدر الصورة ( طبيعة، وجدان، خيال… ) ؛ مادتها ( أساليب بلاغية قديمة كالتشبيه والمجاز والاستعارة والكناية، رموز، أساطير … ) ؛ طبيعتها ( جزئية ، كلية ، نامية ، درامية متحركة تنبني على الصراع ، أم تزيينية ، أم مرتـع للخيال ؟ ) ؛ وظيفتها (خاصة في كشف رؤيـة الشاعـر ونقل تجربته، وفي نقل المعنى، وكذا في تكثيف النسق الداخلي للقصيدة خاصة في شعر سؤال الذات وتكسير البنية وتجديد الرؤية…) ؛ مقارنتها بالصورة في باقي الخطابات ؛ تقييمها في ضوء المفهوم القديم أو الجديد للشعر، وفي ضوء إحساسنا بـها، أو ضمن الخطاب الذي تندرج في إطاره القصيدة.
  • تـحليل الإيـحاأت ، والرموز… وكل ماله دلالة فنية، ويعطي للنص وحدته المركبة، ومعرفة الطريقة التي يتفاعل بها الشكل والمضمون.

2) دراسة الإيقاع:

  • تحديد مظاهر الإيقاع الخارجي بتقطيع البيت أو السطر الشعري، وتسمية البحر ( الوزن، التفعيلة، القافية وحروفها، السطر، المقطع، الجملة الشعرية..). ودراسة القافية وحروفها، وربط الخصائص الإيقاعية بالسمات العامة للخطاب الذي يندرج ضمنه النص ؛ أي تحليل مكونات وخصوصيات البنية الإيقاعية، وبيان مدى مساهمة الظواهر الصوتية في تشكيل الإيقاع داخل النص.
  • دراسة بعض مظاهر الإيقاع الداخلي اعتمادا على كل ما له علاقة بالدال من الناحية الصوتية والإيقاعية ( مخارج وصفات الأصوات، المقاطع الصوتية ، النبر ، التنغيم..)، التوازي والتكرار …

3) البناء العام :

  • البناء الهندسي، الذي يتحدد بالغرض/ الأغراض، أو موضوع/ موضوعات النص.
المستوى الأسلوبي / التداولي
  • تحديد أطراف الخطاب وعلاقة المقام بالمقال..
  • دراسة الأساليب ( الخبر والإنشاء )، الضمائر، مقصديات المرسل وعلاقته بالـمتلقي وبالمخاطب المفترض، رصد أغراض الكلام، ومقاصد المتكلمين، وقواعد الخطاب ووظيفته، وآثار النص على النوايا التواصلية وأفعال الكلام في التواصل.
  • محاولة تركيب بعض المشيرات الداخلية والخارجية لإبراز علاقة النص بمبدعه.
  • تجاوز البنية الداخلية للنص والانفتاح على امتداداته الثقافية والاجتماعية.

الخاتمة

التركيـب

  • تجميع وتركيب نتائج التحليل في شكل خلاصات.
  • الكشف عن مقصدية الشاعر/ رهانه (التعبير بواسطة الأغراض القديمة، المدح، الرثاء، الغربة، التغني بالوطن، أو بالذات، المدح، الرثاء، الغربة، السخرية، التعبير عن التجربة الإنسانية …)
  • التأكد من صحة الفرضية ؛
  • تجاوز البنية الداخلية للنص والانفتاح على امتداداته الثقافية والاجتماعية.
  • عرض الإجابات عن الأسئلة المطروحة أو الإشكالية.

التـقـويـم

  • نستثمر نتائج التحليل ونوظفها في تأويل النص، وكشف بنياته العميقة لنصل إلى خلاصات تعبر عن موقفنا مما يتضمنه النص من سمات الخطاب وخصائص وموافق وتصورات وتجارب يتميز بها النموذج / الخطاب المدروس، وتعبر عن وعينا بالقيم الفنية والجمالية للنص، وتـمثل وظائف الخطاب في التعبير والتواصل.
  • نبين مدى تجسيد النص لسمات الخطاب الذي ينتمي إليه، أو علاقته بنصوص أخرى من نفس الخطاب.
  • نبين موقعه من النصوص التي عاصرته، أو تفاعله مع محيطه، اعتمادا على أساليب التفسير والبرهنة.
  • تقويم هذا الخطاب نفسه من خلال خصائصه ومميزاته وسماته.
  • تقويـم تماسك النص الداخلي، وتقديم خلاصة للعلاقة بين معناه ومبناه (أي الإشارة إلى النظام العام الذي ينسق أجزاءه، ورصد كيفية انتظامها، وإدراك مظاهر التفاعل فيما بينها (الاختلاف والائتلاف)، أي أننا نستخلص البنية التي نظمت عناصر النص وأجزاءه.
  • نبرز مدى مساهمة الخطاب في تطوير القصيدة العربية.
  • قوم الاتجاه أو المفهوم أو الموقف أو وجهة النظر أو التصور المعبر عنه في النص.
  • نقوم الكاتب بإبراز دوره في النوع الأدبي والخطاب الذي ينتمي إليه النص، ومميزات نصه المضمونية والأسلوبية، مع الاستعانة بأقوال النقاد في ذلك..
  • ربط النص (أو القضية المعالجة ) بسياقه الخاص والعام،(أو بإشكالية أعم في صيغة سؤال /أسئلة)؛ أي ضمن ما يحيط به وبصاحبه، أو يتعالق معه، والخروج بأحكام عامة تتميز بالمرونة وسعة النظر بناء على أساليب الحجاج والبرهنة والاستدلال.
  • إبداء الرأي الشخصي في قيم النص واتجاهه الفني، وكذا حول النتائج والخلاصات المتوصل إليها، وإصدار أحكام مبررة حول مضمون النص أو شكله، وذلك بتوظيف مهارة الحكم والتقويم والتعليق.