الشطر الثالث من سورة لقمان - الآية 21 إلى 34 (في رحاب التربية الإسلامية)
مدخل تمهيدي
بعد سرد وصايا لقمان الحكيم لابنه بعبادة الله وحده والتخلق بالأخلاق الكريمة، وتذكير الناس بعظمة الله تعالى وقدرته على الخلق، وإمدادهم بنعمه الظاهرة والباطنة، أبان سبحانه سعة علمه اللامحدود، وبعض المظاهر الكونية الدالة على عظمته، وأن المشركين لا يعترفون بوجوده إلا في حال الشدة والضيق، كما أمر تعالى بالتقوى وبين سبيل الهداية، وما استأثر سبحانه بعلمه من مفاتيح الغيب الخمسة.
- فما هي تجليات قدرة الله تعالى وعظمته؟
- وما هي مفاتيح الغيب؟
- وماذا يخفي المقطع الأخير من حكم ومعاني من أجل الثبات على الحق والطريق المستقيم؟
بين يدي الآيات
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴿22﴾ وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ ۚ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿23﴾ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴿24﴾ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿25﴾ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴿26﴾ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿27﴾ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴿28﴾ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴿29﴾ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴿30﴾ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴿31﴾ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ﴿32﴾ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴿33﴾ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿34﴾ [سورة لقمان، من الآية: 21 إلى الآية: 34] |
دراسة الشطر القرآني
الرسم المصحفي: نقطة الإمالة
تكتب كلمة “نجاهم” في القرآن الكريم على هذا الشكل: ﴿نَجّيٮٰهُمُ﴾، بحذف ألف الجيم وزيادة الياء، أما رسم نقطة غليظة تحث حرف الجيم وزيادة «الياء» فوقها «ألف»، تسمى نقطة الإمالة.
القاعدة التجويدية: قاعدة الإمالة
نقطة العوض: وهي بحجم نقطة همزة الوصل، وهي عوض عن الفتحة العادية، ويسميها علماء التجويد نقطة الإمالة، وهي أن تنحو بالفتح نحو الكسر، مثال: ﴿الْوُثْق۪ى﴾ …
نشاط الفهم وشرح المفردات
شرح المفردات والعبارات
- يسلم وجهه: يفوض أمره كله.
- استمسك: تمسك وتعلق.
- بالعروة الوثقى: بالعهد الأوثق الذي لا نقض له.
- عاقبة الأمور: منتهى الأمور.
- نضطرهم: نلجئهم.
- غليظ: شديد.
- يمده: يزيد فيه بسعته مدادا.
- ما نفدت: ما فرغت وما انتهت.
- كلمات الله: مقدوراته وعجائبه.
- يولج: يُدْخِل.
- أجل مسمى: يوم القيامة.
- الفلك: السفن.
- غشيهم موج: علاهم وأحاط بهم الموج
- كالظلل: كالسحاب أو الجبال المظلة.
- مقتصد: موف بعهده.
- يجحد: ينكر.
- ختار: من الختر، وهو شدة الخيانة.
- اخشوا: خافوا
- يوما لا يجزي: لا يقضي فيه شيئا.
- فلا تغرنكم: فلا تخدعنكم وتلهينكم بلذاتها.
- الغرور: ما يغر ويخدع من شيطان وغيره.
المعنى الإجمالي للآيات
يبين الله تعالى عاقبة المسلم وعاقبة الكافر مع التأكيد على إقرار الجاحدين بربوبية الله، وأن سعة علمه وعظيم قدرته وسعت كل شيء، من خلال تسخير الشمس والقمر والبحر وتعاقب الليل والنهار، مؤكدا سبحانه أن لجوء المشركين إليه في حال الاضطرار من أعظم الأدلة على وجوده وعظمته.
المعاني الجزئية للآيات
- الآيات 21 – 24: بيان عاقبة المسلم وعاقبة الكافر مع التأكيد على إقرار الجاحدين بربوبية الله.
- الآيات 25 – 27: التأكيد على سعة وقدرة علم الله الذي وسع كل شيء.
- الآيات 28 – 30: الأمر في التأمل في المظاهر الكونية الدالة على عظمة الله تعالى ووحدانيته.
- الآية 31: يبين سبحانه أن المشركين لا يعترفون بوجوده إلا في حال الشدة والضيق، وأن المانع الوحيد من إيمانهم هو الجحود والعناد.
- الآية 32: أمر الله عباده بالتقوى، وتحذيرهم من يوم القيامة وأهواله، ومن الدنيا وزينتها، ومن الشيطان وتلبيساته.
- الآية 33: يخبر سبحانه وتعالى على أنه مستأثر بمفاتيح الغيب الخمسة لا يعلمها إلا هو جل وعلا.
الدروس واالعبر المستفادة من الآيات
- وجوب الإخلاص في الدعاء لله وحده في الشدة والرخاء.
- وجوب الخوف من الله تعالى وتوحيده.
- عدم الاغترار بزينة الحياة الدنيا وزخارفها.
- تفرد الله سبحانه وتعالى بعلم الغيب.