مثال الإنطلاق

قال الشاعر محمود درويش في قصيدة “قتلوك في الوادي”:

أهديك ذاكرتي على مرأى من الزمن
أهديك ذاكرتي
ماذا تقول النار يا وطني؟
ماذا تقول النار؟
هل كنت عاشقتي
أم كنت عاصفة على أوتار؟
وأنا غريب الدار في وطني
غريب الدار.

ملاحظة المثال

الشاعر في هذا المقطع يعبر عن مظاهر الغربة والتشرد في المنفى بعدما سلبت أرضه فلسطين، ولم يبق له إلا ما يختزنه في ذاكرته من شوق وحنين. وليعبر الشاعر عن تجربته أختار بناء إيقاعيا يختلف عن البناء التقليدي، وذلك بخرق نظام الشطرين وتعويضه بنظام السطر الشعري  المتفاوت في الطول بتفاوت عدد التفعيلات من سطر لأخر.

وبتقطيع الأسطر الشعرية تقطيعا عروضيا نجدها نجدها جاءت على وزن “متفَاعِلُن” وهي تفعيلة وزن بحر الكامل. السطر الأول يحتوي على أربع تفعيلات، والسطر الثاني يحتوي على تفعيلتين، وهذا ما يبرر الاختلاف في التوزيع الشكلي للأسطر. أما القافية فجاءت متنوعة الروي بين النون في السطر الأول والثلث والسابع، والتاء في السطر الثاني والخامس، والراء في السطر الرابع والسادس والثامن.

والملاحظ على السطر الشعري أنه لا ينتهي مع انتهاء المعنى، وإنما مع انتهاء الدفقة الشعورية التي يفجرها الشاعر، وهي التي تتحكم في طول السطر وعدد تفعيلاته.

خلاصة عامة

السطر الشعري تركيبة إيقاعية  تتسم بتكرار وحدة موسيقية (التفعيلة) دون الالتزام بعدد محدد من هذه التفعيلات.

ويتميز السطر الشعري في الشعر الحديث بما يلي:

  • يتيح السطر الشعري للشاعر حرية اختيار عدد الوحدات (التفعيلات) تبعا لرؤيته الشعرية، ودفقاته الشعورية.
  • السطر الشعري لا ينحصر في جملة تامة، وإنما قد يكون كلمة أو أكثر حسب التجربة الشعورية للشاعر.
  • قد لا يحتوي السطر الشعري على الحشو عندما تشغل تفعيلة واحدة سطرا كاملا فتكون عندئذ ضربا بدون حشو.
  • القافية في السطر الشعري تعتمد على الحاسة الموسيقية لدى الشاعر فتتنوع بتنوعها.
  • يمكن للمعنى أن يتجوز السطر الشعري إلى عدة أسطر تشترك في الخصائص الإيقاعية والدلالية، وقد تكون القصيدة بأكملها جملة شعرية.

ويجوز تنويع الأوزان بين الأسطر الشعرية في القصيدة الواحدة إذا كان السطر الشعري الجديد يمثل بداية لمقطع جديد، أو يعبر عن تحول في موقف الشاعر، أو إذا كان هناك تكامل فني بين التفعيلة المستعملة في الأسطر الشعرية.