الشطر السادس من سورة يوسف - من الآية 94 إلى الآية 111

الوضعية المشكلة

جاءت ساعة الفرج التي تؤكد قاعدة انتصار الصبر على الابتلاء ولو بعد حين، وفي هذه النهاية إشارة قوية إلى ما اعترض دعوة سيدنا محمد ﷺ، الذي عانى وقاسى هو أيضا مما لاقاه من قومه قريش في سبيل دعوتهم إلى التوحيد وعبادة الله وحده دون سواه، إنها بشرى بالنصر في الأخير لهذه الدعوة، وتبليغ رسالته القرآن الكريم ونشرها، ويشير المقطع إلى:مجيء أل يعقوب عليه السلام وقومهم إلى مصر ودخولهم على يوسف عليهم السلام وتحقيق الرؤيا واجتماع الشمل بعد الفرقة

بين يدي الآيات

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ ۝ قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ ۝ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ۝ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ۝ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ۝ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ۝ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ۝ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ۝ ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ۝ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ۝ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ۝ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ۝ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ۝ أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ۝ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ ۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ ۝ حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ۝ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.

[سورة يوسف، من الآية: 94 إلى الآية: 111]

نشاط الفهم وشرح المفردات

شرح المفردات والعبارات

  • فصلت العير: فارقت مصر.
  • تفندون: تكذبون وتسفهون.
  • إنك لفى ضلالك القديم: لفي خطئك القديم.
  • البشير: من جاء بالقميص وهو أحد إخوة يوسف.
  • فارتد بصيرا: رجَع وعاد إليه بصره.
  • أعلم من الله ما لا تعلمون: يقينه بصدق رؤيا يوسف.
  • على العرش: على الكرسي الذي يجلس عليه العظماء.
  • آوى إليه أبويه: ضم إليه أبويه شفقة وبرا بهما.
  • وخروا له سجدا: سجدوا له تكريما لا عبودية.
  • أن نزغ الشيطان: غوى وسعى بينهم بالإفساد.
  • يمكرون: يحتالون ويخططون للتخلص من يوسف.
  • غاشية من عذاب الله: نقمةٌ ومصيبة تصيبهم.
  • بغتة: فجأة.
  • لا يرد بأسنا: لا يُرد عذابنا وبطشنا.
  • عبرة لأولي الألباب: موعظة وتذكرة لأصحاب العقول.

المعنى الإجمالي للشطر القرآني

تتحدث آيات هذا الشطر عن رجوع البصر إلى يعقوب عليه السلام بفعل قميص ابنه، واستغفاره لأبنائه بعد اعترافهم بذنبهم، وخروج أل يعقوب من فلسطين إلى مصر استجابة لطلب يوسف عليه السلام، وتحقق رؤياه بسجود الأبوين والإخوة له، وحلول الأنس بعد الكدر، ثم تختم السورة الكريمة بتوجيه الأنظار إلى عجائب الكون الدالة على القدرة والوحدانية، وما في قصص القرآن من العبر والعظات.

المعاني الجزئية للشطر القرآني

المقطع الأول: الآيات 94 – 98

رجوع البصر إلى يعقوب عليه السلام بفعل قميص ابنه، واستغفاره لأبنائه بعد اعترافهم بذنبهم.

المقطع الثاني: الآيات 99 – 100

خروج أل يعقوب من فلسطين إلى مصر استجابة لطلب يوسف عليه السلام، وتحقق رؤياه بسجود الأبوين والإخوة له.

المقطع الثالث: الآية 101

مقابلة يوسف عليه السلام نعم الله عليه بالشكر وطلبه من الله حسن الخاتمة.

المقطع الرابع: الآيات 102 – 111

إثبات نبوة المصطفى ﷺ وتثبيت فؤاده، ودعوته سبحانه الرسول ﷺ الاعتبار بما حدث للأنبياء وللأمم السابقة التي كذبت الرسل والأنبياء.

الدروس والعبر المستفادة من الآيات

  • العفو والتسامح من خصال المؤمنين الصالحين.
  • رؤيا الأنبياء حق ووحي من الله تعالى.
  • الصبر والتقوى من أسباب تفریج الكرب.
  • الاقتداء بسيدنا يوسف عليه السلام في بره بوالديه، وحسن معاملته لإخوته وأهله.
  • قصة يوسف عليه السلام من أدلة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
  • قصص الأمم السابقة عبر وعظات لأولي الألباب.
  • الحرص على تلاوة القرآن الكريم والاهتداء بهديه.

القيم الواردة في الآيات

  • التقوى.
  • الصبر.
  • العلم.
  • الحلم.
  • الصفح.
  • العفو.
  • الرحمة.