الإنسان ومشاكل الهجرة - مدخل مفاهيمي

مفهوم الهجرة

يشير مصطلح الهجرة إلى ترك الأفراد لموطنهم الأصلي والانتقال منه للاستقرار بمكان آخر سعياً للحصول على متطلبات أساسية في حياتهم، كالسكن الكريم، والأمن، والبحث عن حياة أفضل.

يمكن تعريف الهجرة بشكل دقيق بأنها هي قيام مجموعة من الأفراد باتخاذ قرار فعلي بالانتقال من موطنهم ومكان إقامتهم، تحت تأثير دوافع إما إجبارية أو اختيارية، والتوّجه إلى مكان آخر لتحقيق الهدف الذي دفعهم للانتقال، ويعتبر الانتقال حقاً من حقوق الإنسان المنصوص عليه في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان.

ظهرت مشكلة الهجرة منذ العصور القديمة واستمرت حتى وقتنا هذا، إذ أصبحت من أبرز المشاكل التي يواجهها العصر الحديث، ويشار إلى أن حياة الأفراد قديماً كانت قائمة على الترحال والانتقال الدائم بدافع البحث عن الرزق والطعام والمسكن، ومع مرور الزمن استقر الإنسان في حياته أكثر وأصبح قليل الترحال، إلا أنه مازال هناك بعض الدوافع التي تؤثر على بقائه في مكان إقامته وتجبره على الهجرة إلى مكان آخر.

أنواع الهجرة

الهجرة الداخلية

تُعرف الهجرة الداخلية على أنّها الانتقال الجغرافي للسكّان بين المُحافظات التابعة للدولة، وتتضمّن أيضاً الهِجرة الريفيّة، ويُقصد بها انتقال السكّان من الريف إلى المدينة. يَشهد العَالم هجراتٍ داخليةٍ على مستوى أكبر من الهجرات الخارجية وذلك للأسباب الآتية:

  • التكلفة المنخفضة للهجرة الداخلية مُقارنةً بالخارجية، ويعود ذلك لقصر المسافة المَقطوعة نسبيّاً من مكان إلى آخر في نفس الدولة.
  • انعدام مَشاكل الدّخول والخروج من الدول مُقارنةً بما يُواجهه المهاجرون دولياً.
  • انعدام مَشاكل اللغة الّتي يَتعرّض لها المُهاجرون دوليّاً عند انتقالهم إلى دولةٍ تَختلف في لغتها عن لغتهم الأم.
  • توافر الاستعداد النفسيّ للهِجرات الداخليّة بشكلٍ أكبر من الهجرات الخارجية.

توجد للهجرة الداخلية أنواع عدة، أبرزها:

  • الهجرة من محافظة إلى محافظة أُخرى (من إقليم إلى آخر) أو من ولايةٍ إلى أُخرى داخل حدود الدولة الواحدة: يتميّز هذا النوع من الهجرات الداخلية بقصر المَسافة المَقطوعة بداعي الهجرة.
  • الهجرة من الريف إلى المُدن الحضريّة: بدأت هذه الظّاهرة في الانتِشار على مَجالٍ واسعٍ في أغلب دول العالم في النصف الثاني من القرن العشرين؛ حيثُ كان انتقال السكّان من الريف إلى المدينة آنذاك كبيراً بشكلٍ لم يسبق له أن يُكرّر في أيّ مَرحلةٍ تاريخيّةٍ سابقة.

الهجرة الخارجية

يُقصَد بها الانتقال الجغرافي للسكّان دوليّاً، أي من دولةٍ إلى أُخرى من خلال الحُدود السياسيّة لها؛ بهدف الاستقرار الدائم أو العمل وبناء الثروات وغيرها من الأهداف، بغضّ النظر عن المسافة المقطوعة سواءً كانت بضعة كيلومترات أو آلاف الكيلومترات؛ إذ لا تُصنّف الهجرة دوليّةً أم لا اعتماداً على طول المسافة المقطوعة.

الهجرة المؤقتة

تعني الهجرة المؤقّتة انتقال السكّان من مكانٍ إلى آخر لفترةٍ مُعيّنة من الزمن، ثمّ رجوعهم إلى موطنهم الأصليّ، ويندرج تحت هذا النوع من الهجرات هجرة الأيدي العاملة والانتقال الموسميّ لبعض السكّان. يُمكن ضمّ هذا النوع من الهجرات إلى أحد النوعين السابقين، فتتضمّن الهجرة الداخليّة انتقال الأيدي العاملة بين المحافظات، كما يُمكن أن تتضمّن الهجرة الخارجية انتقالهم دوليّاً.

هجرة العقول

هي انتقال الطلاب وأصحاب المواهب والأطباء والمهندسين للدراسة في بلادٍ غير بلادهم تُوفّر لهم بيئةً مناسبةً للتميّز والإبداع؛ حيث يذهب بعض الطُلّاب ليُتمّوا دراستهم في دُولٍ أُخرى بهدف العودة إلى أوطانهم وإفادتها بعلومهم التي اكتسبوها، ولكنّ العديد منهم لا يرجعون لما يَجدونه من إمكانيّاتٍ وفرصٍ أفضل في الدول المُهاجَر إليها.

دوافع الهجرة

الأسباب الاقتصادية

تُعتبر من أهمّ الدّوافع المُسبّبة للهِجرتين الداخليّة والخارجيّة وأكثرها تأثيراً في الأفراد، وتتمثّل في تدنّي المستوى الاقتصادي للأفراد، الأمر الذي يَحدّ من طموحهم في عيش حياةٍ مُرفهةٍ مع كلٍّ من العائلة والأصدقاء؛ لذا يَسعون للهِجرة إلى إقليمٍ أو دولةٍ تُقدّم لهم عرضاً وظيفيّاً بأجرٍ يضمن لهم حياةً أفضل ممّا كانوا عليها.

الأسباب الاجتماعية

تضمّ الأسباب الاجتماعية عدّة عوامل مُرتبطة ارتباطاً كبيراً بالعوامل الاقتصاديّة ألا وهي: الدّين، والقوميّة، والمعرفة، واللغة، وصلة القرابة التي تدفع العديد من السكّان للهجرة إلى الدول والمَناطق التي يتواجد فيها مهاجرون سابقون تجمَعهم علاقة اجتماعيّة سابقة.

الأسباب الدينية

تقوم هذه الأسباب بدفع العَديد من السكّان أصحاب الأقليّات الدينية للهجرة إلى دولٍ أُخرى تضمن لهم حريّة المعتقد والدين والرأي؛ لما يواجهوه من اضطهادٍ وتعصبٍ دينيّ من قِبل الأكثريّة في دولهم.

الأسباب الجغرافية

تؤدّي بعض العَوامل الجغرافيّة مثل المساحات الواسعة لبعض الدول إلى زِيادة فُرصة الهجرة إليها؛ لأنّ المساحات الواسعة تشغل دوائر عرضٍ عديدة، الأمر الذي يُوفّر لها تنوّعاً في البيئات الجغرافيّة التي تخلق بدورها تبايُناً في نوع المناخ، والثروات المعدنيّة، والمَحاصيل الزراعيّة، وذلك يؤدّي إلى تنوّع في النشاط الاقتصادي فيها، وتُوفر فرص عملٍ متنوّعةٍ تجذب المُهاجرين إليها.

الأسباب السياسية

يلجأ بعض السكّان للهجرة إلى دولٍ أُخرى بحثاً عن حريّة التعبير عن الرأي والمُعتقد، وهُروباً من الاضطِهاد السياسيّ المُمارس تِجاههم في وَطنهم الأم.

أسباب حكومية

تتحكّم بعضُ الحكومات في مكان هِجرة السكّان عن طريق توجيههم إلى أقاليم مُعيّنة وفق خططٍ ودراساتٍ تقوم على وضع برامج اقتصاديّة تطويريّة في هذه الأقاليم.

إيجابيات الهجرة

  • التواصل مع الشعوب الأخرى والتعرف على ثقافاتهم.
  • الحصول على شهادات علمية جيدة.
  • اكتساب خبرات مهمة في حياة الانسان وتحفيزه للعمل بنطاق أوسع.
  • التنوع في أصول العمالة الوافدة في مختلف البلدان. تحقيق حياة أفضل في البلدان ذات الاقتصاد المزدهر.
  • إشباع الرغبات الفسيولوجية بالحصول على خدمات أفضل كالأمن والدخل الاقتصادي.

سلبيات الهجرة

  • يفقد الفرد هويته الأصلية ويتخلى عن بعض عادات وتقاليد بلده.
  • الانخراط بعادات وتقاليد بعض البلدان التي قد تكون مخالفة لعادات بلده.
  • الابتعاد عن الأهل والشعور بعدم الانتماء للموطن.
  • التخلي عن اللغة الأم والتمسك باللغات الأخرى.
  • اضطهاد سكان البلدان لبعض المهاجرين والإساءة لهم.
  • افتقار بعض الدول لأبنائها العلماء والعمال.