اللغة العربية - الثانية باك آداب وعلوم إنسانية

تجديد الرؤيا - نص نظري 2-2
قصيدة الرؤيا (أحمد علي سعيد أدونيس)

 

 

الأستاذ: حسن شدادي

 

الفهرس

 

I- النص

II- تمهيد

III- دلالة العنوان

IV- فرضية النص

V- إشكالية النص

VI- قضية النص

VII- تحليل النص

1-7/ الإشكالية المطروحة

2-7/ مفاهيم ومصطلحات النص

3-7/ قضايا النص

4-7/ الإطار المرجعي للنص

5-7/ طرائق العرض

IIX-  تركيب وتقويم

 


I- النص

 

قصيدة الرؤيا

 

II- تمهيد

 

مرت القصيدة العربية بمراحل تطور متنوعة، حيث لم يتوقف خط هذا التطور عند كل ما رسمته حركة الشعر الرومانسي، بل إنه استمر في التغيير والتحول استجابة لتحولات المجتمع وتفاعلاته، ولذلك كان من الضروري بروز خطاب جديد كون رؤية جديدة للشعر والأدب، وهو ما يطلق عليه شعر تكسير البنية وتجديد الرؤيا. فقد كانت السمة المشتركة بين شعرائه هي المعاصرة والتحديث من أجل الاستجابة لدواعي العصر ومقتضيات التطور، والتعبير عن الرغبة في أن يعيش الشاعر عصره لا عصور من سبقه، ولذلك عدوا القصيدة رؤيا شاملة، وعملوا على تطوير بنية القصيدة العربية بالدعوة إلى ابتكار أشكال جديدة وعدم التقيد بالشروط الصارمة للقصيدة العمودية والانزياح عن المعجم التراثي بتحميله دلالات غير حقيقية، وجعل الصورة الشعرية أكثر تحررا من الذاكرة مع إنائها بالرمز والأسطورة، والخروج عن هيكل الشعر وبنائه، وتحريره من سيطرة الأوزان، مع سيادة شعرية الغموض في إنتاجات شعرائها، فكانت أعمال نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وفدوى طوقان وأحمد المجاطي وغيرهم تمثل جيل الرواد الأوائل لتتطور هذه الحركة خلال الستينيات مع صلاح عبد الصبور ومحمد الماغوط وعبد الوهاب البياتي وعبد المعطي حجازي ويوسف الخال وأدونيس ومحمد بنيس ومحمد السرغيني ومحمد الخمار الكنوني وعبد الرفيع الجواهري وعبد الله راجع وغيرهم. ومن بين النقاد الذين اهتموا بهذه الدراسات إدريس الزمراني، أحمد رحماني، حسن مخافي، محمد الفارس، علي أحمد سعيد أدونيس.

 

III- دلالة العنوان

 

يتألف عنوان النص من وحدتين معجميتين، وتركيبيا تعرب الأولى "قصيدة" مبتدأ وهو مضاف، وتعرب الثانية مضافا إليه، ومعجميا تحيل الأولى على مجموع أبيات شعرية تتجاوز السبعة، أما الرؤيا فتتجاذبها تحديدات مختلفة، منها الرؤيا الحلم، وهو ما يراه النائم، وغالبا ما تكون حسنة، وتحيل على معاني اللامعقول واللاوعي واللاتحديد، لأنها تنفلت عن سنن الواقع. ثم الرؤيا بالمعنى الباطني الصوفي، وهي ما يتجلى من معاني الوجود والغيب في بواطن المتصوفة، أي ذلك الموقف المبني على إدراك استشرافي يتجاوز العالم الحسي والأحداث اليومية والشروط الواقعية. ودلاليا يحيل العنوان على نمط من الإبداع يقوم على إنتاج نصوص بوعي مسبق يرفض محاكاة النماذج السابقة، ويؤمن بأن الإبداع يوجد خارج المتداول والمألوف، وأنه ليس تصويرا للواقع، بل هو كشف لعلاقاته الضمنية، وأن الأشياء المادية المحسوس ليست سوى تفاصيل يتجاوزها الشاعر الرؤيوي لتشييد رؤياه التي تغوص في عمق الحقائق مستحضرا تجربة الذات في تفاعلاتها مع التجربة الاجتماعية بالاستناد إلى صيغ تعبيرية ورمزية.

 

IV- فرضية النص

 

وبالانطلاق من دلالة العنوان ومن صاحب النص المنتمي للتيار التجديدي إبداعا وتنظيرا، ومن مصدر النص "زمن الشعر" ومن بعض المشيرات الداخلية الأخرى نفترض أن النص مقالة أدبية سيعرف فيها الناقد بمرحلة- زمن من مراحل تطور القصيدة العربية.

 

V- إشكالية النص

 

  • فما القضية التي يعالجها في نصه ؟
  • وما طرائق عرضها ؟
  • وإلى أي حد استطاع تقديم تصور نظري عن هذا الاتجاه ؟

 

VI- قضية النص

 

بعد قراءة متمعنة للنص أمكننا تحديد قضيته الأدبية في:" شعر الرؤيا مفهومه وقوانينه وخصائصه". أما الأفكار التي تتفرع عن هذه القضية النظرية فيمكن تلخيصها فيما سيأتي:

  • مفهوم شعر الرؤيا: وهو شعر جديد يتميز بالكشف عن المعنى الخلاق والتمرد على الأشكال التراثية القديمة في التنوع في المواضيع والقضايا ذات الطابع الجماعي وإن كانت فردية.
  • القوانين المؤسسة لشعر الرؤيا: لقصيدة الرؤيا قوانين أساسية أهمها الإحساس والشعور ثم الخيال والحلم.
  • خصائص شعر الرؤيا: بناء على منطق التضاد يمكننا أن نفهم من كلام أدونيس أن خصائص قصيدة الرؤيا هي: التلقائية، الرمزية، الكلية (الشمولية)، الإبداعية، التعمق في العلاقة مع العالم، الوحدة البنائية.

يتضح أن قصيدة الرؤيا بخصائصها المضمونية فرضت شكلا جديدا مناسبا يمنح للشاعر هامشا من الحرية الإبداعية.

 

VII- تحليل النص

 

1-7/ الإشكالية المطروحة

تدور إشكالية النص العامة على الصراع بين القديم والجديد في الشعر العربي على اعتبار أن مجموع الصفات التي استبعدها الناقد عن الشعر الرؤيوي تنطبق بالضرورة على الشعر العربي القديم.

 

 

2-7/ مفاهيم ومصطلحات النص

تستمد مصطلحات النص ومفاهيمه أساسها من مرجعيتين اثنتين؛ الأولى مصطلحات أدبية، وتمثلها المصطلحات التالية: (قصيدة، الشعر الجديد، الشاعر، الفنون، النثر....)، والثانية مصطلحات نقدية ومن عيناتها: (الأشكال الشعرية، معنى سردية وصفي، الرؤيا، الرؤية الأفقية، التفكك البنائي، الحلم، الخيال الشعري...)، ويظهر أن العلاقة بين حقلي المصطلحات هي علاقة تكامل وتداخل لأن النقد متضمن في حقل الأدب من جهة ومساهم في بيان قيمته من جهة ثانية. ويسعفنا التأمل في هاته المصطلحات والمفاهيم القول بأن بعضها مؤطر بخلفية تاريخية، مما يؤكد التطور الذي شهده الشعر فحقق شعر الرؤيا، والبعض الآخر محكوم بخلفية فلسفية (الخيال، الشك، الحلم، المنطق...).

 

 

3-7/ قضايا النص

ولتوضيح القضية الرئيسية التي عليها مدار النص، استعان الناقد ببعض القضايا الفرعية، لعل أبرزها؛ قضية الرؤية الأفقية والسطحية في الشعر القديم في مقابل الرؤية العميقة والمستقبلية في الشعر الجديد؛ الأول يرتبط بالظاهر والمحسوس واليومي، فيما الثاني يسعى إلى تشييد رؤيا من خلال استشراف المستقبل والغوص في عمق الحقائق. وقضية الطابع السردي والوصفي للشعر القديم في مقابل الخلق والتوليد والإبداع في الشعر الرؤيوي، كون الأول مرتبطا بالتاريخ= السرد، والواقع= الوصف، والثاني مرتبط بالمستقبل= الخلق الإبداع والتجديد المستمر، وقضية العقل والمنطق في الشعر القديم في مقابل الحلم والخيال والشك والغموض في الشعر الرؤيوي.

 

 

4-7/ الإطار المرجعي للنص

وقريبا من هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن الكاتب في مقاربته لمفهوم شعر الرؤيا، استند إلى "خلفيات أو مرجعيات منهجية مختلفة" من قبيل: المرجعية الصوفية وتتجلى هذه المرجعية في قول الكاتب على سبيل المثال: "تحس الأشياء إحساسا كشفيا وفقا لجوهرها وصميمها اللذين لا يدركهما العقل والمنطق بل الحلم والخيال..". ثم المرجعية السوريالية ويقوم على تجاوز الواقع والوعي مقابل الاحتفاء بمستوى اللاوعي من أجل بناء واقع جديد يتحرر فيه الإنسان من كل سلطة أخلاقية ودينية ومن أعلامه (أندريه مارتيني) الذي ثار على اللغة المألوفة واعتمد الغموض. والمرجعية الوجودية ومن أعلام هذا الفكر جون بول سارتر ويعتمد مبادئ الحرية والمسؤولية والالتزام، ويتجلى لدى الكاتب في قوله: "وذلك فإن من خصاصه أن يعبر عن قلق الإنسان أبديا". والمرجعية الرمزية وأساسها الاحتفاء بالرمز وتبني الغموض ومن أعلامها (بودلير ورامبو). وأخيرا المرجعية الرومانسية وتعتمد على الخيال وتلغي سلطة المنطق والعقل في الإبداع.

 

 

5-7/ طرائق العرض

اعتمد الكاتب في عرض القضية السالفة بناء منهجيا قائما على الطريقة الاستنباطية حيث انتقل من تحديد المفهوم العام للشعر الجديد (الشعر الجديد= الرؤيا) إلى الخاص المتمثل في عرض تفاصيله وجزئياته وتجلياته، ويمكن تحديد هذه التفاصيل في قوانين وخصائص وشكل الشعر الجديد.

أما بخصوص توضيح الأفكار ومحاولة الإقناع بها، فقد استعان الكاتب بمختلف الأساليب الحجاجية والتفسيرية واللغوية ذات المظهر الحجاجي للإقناع بطرحة والدفاع عنه، كالتعريف كما هو الشأن في تعريف الرؤيا والشعر الجديد وخصائصه... والاستشهاد الاستدلالي أثناء استدلال الكاتب ببعض أقوال شعراء غربيين (بودلير- رامبو)، ما يدل على تأثر الناقد بالثقافة الغربية، وبأن منشأ هذا الاتجاه الشعري ابتداء غربي، ثم المقارنة الضمنية بين الشعر الجديد والقديم، لأنه ركز على مميزات الشعر القديم ويفهم منها المقارنة بينه والجديد. ثم الوصف في قوله مثلا فقوام الشعر الجديد معنى خلاق توليدي، ثم الاستحضار الافتراضي للقارئ وهو ما تؤكده الكثير من العبارات والجمل الاعتراضية (يمكننا القول، إذا ألمحنا، فنحن نرى..)، والتصنيف القائم على الترقيم التصاعدي (يتخلى عن الأمور التالية). والاستنتاج في قول الكاتب (فهو إذن، من هنا.)، وأسلوب الشرح والتفسير في قول الكاتب مثلا: (أي العالم الذي لم يحدد بعد، أي لم تعرف، أي بناء فني).

كما اعتمد أدوات التوكيد (إنه رؤيا، إنه كما يقول الشاعر الفرنسي..) والنفي (لا معنى سردي وصفي لا علاقة لنموه وموته..) والتعليل (لأن الشعر يتخلى عن..، إذ يصبح الشعر، لأنه يضطر..)، والتشبيه (كما يفكر البعض، كما يقول..) والقصر (فلا يمكن للشعر أن يكون عظيما إلا..) والعطف المحقق للنص تماسكه التركيبي (و، ف، أو، لا..).

 

IIX-  تركيب وتقويم

 

النص مقالة أدبية يعالج فيه الكاتب موضوع الشعر الجديد أو قصيدة الرؤيا المتسمة بخصائص متميزة ونوعية، ولذلك اعتمد مصطلحات ومفاهيم نقدية وأدبية متصلة بالشعر الجديد (الرؤيا)، ووظف إطارا منهجيا دقيقا قوامه الاستنباط والتنظيم، واستعمل لغة مباشرة ومناسبة وبنية أسلوبية متنوعة وملائمة.

في رأيي الخاص إن النص قدم لنا معطيات هامة حول الشعر الرؤيوي بطريقة استوفى معها شروط النص المقالي، غير أن هذا لا يمنع من الإشارة إلى أن أدونيس لم يستحضر خصائص الشعر الجديد بشكل مباشر (صيغة الإثبات).