الطهارة: أنواعها ومقاصدها (في رحاب التربية الإسلامية)
مدخل تمهيدي
تعتبر الطهارة واحدة من المطالب التي نادى الدين الإسلامي بتوفرها وتحققها للمسلم في كافة مظاهر حياته، بحيث لا تقتصر طهارته على أوقات الصلاة بل يتوجب عليه الإسراع لطهارة جسده في حال مسه شيء من مبطلات الطهارة، بالإضافة إلى المحافظة على طهارة مسكنه ومأكله ومشربه.
الوضعية المشكلة
رأيت صديقك أحمد يتيمم في المدرسة ليؤدي الصلاة، فأنكرت عليه ذلك، وقلت له: لماذا لا تتوضأ ما دمت قادرا على استعمال الماء؟. فرد عليك قائلا: إني مستعجل والوضوء سيأخذ مني الكثير من الوقت..
- هل توافق أحمد في تصرفه؟
- وهل الاستعجال من أسباب الأخذ بالتيمم بدل الوضوء؟
النصوص المؤطرة للدرس
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿… إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾. [سورة البقرة، الآية: 222] قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. [سورة المائدة ، الآية: 7] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِن آثارِ الوُضُوءِ». [رواه البخاري، كتاب: الوضوء، باب: فضل الوضوء] |
توثيق النصوص والتعريف بها
التعريف بسورة البقرة
سورة البقرة: مدنية، وعدد آياتها 286 آية، وهي السورة الثانية من حيث الترتيب في المصحف الشريف، وهي أول سورة نزلت بالمدينة المنورة، سميت بهذا الاسم إحياء للمعجزة التي ظهرت في زمن سيدنا موسى عليه السلام، حيث قتل شخص من بني إسرائيل ولم يعرفوا قاتله، فعرضوا الأمر عل سيدنا موسى لعله يعرف القاتل، فأوحى الله إليه أن يأمرهم بذبح بقرة وأن يضربوا الميت بجزء منها فيحيا بإذن الله ويخبرهم عن القاتل، وتكون برهانا على قدرة الله تعالى على إحياء الخلق بعد الموت، وهي من السور التي تعنى بجانب التشريع شأنها شأن سائر السور المدنية التي تعالج النظم والقوانين التشريعية التي يحتاج إليها المسلمون في حياتهم.
التعريف بسورة المائدة
سورة المائدة: مدنية، وعدد آياتها 120 آية، وهي السورة الخامسة من حيث الترتيب في المصحف الشريف، نزلت بعد “سورة الفتح”، سميت بهذا الاسم نسبة لإحدى معجزات سيدنا عيسى عليه السلام إلى قومه، عندما طلبوا منه أن ينزل الله عليهم مائدة من السما يأكلون منها لكي تطمئن قلوبهم، وقد تناولت جانب التشريع بإسهاب إلى جانب موضوع العقيدة وقصص أهل الكتاب.
التعريف بأبي هريرة
أبو هريرة: هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، كناه رسول الله ﷺ بأبي هريرة، ولد سنة 21 ق. هـ، صحابي ومحدث وفقيه وحافظ، أسلم سنة 7 هـ، ولزم النبي محمد ﷺ، وحفظ الحديث عنه، حتى أصبح أكثر الصحابة روايةً وحفظًا للحديث النبوي لسعة حفظه، كما يعد أبو هريرة واحدا من أعلام قُرّاء الحجاز، حيث تلقّى القرآن عن النبي ﷺ، وتولى ولاية البحرين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وبعدها لزم المدينة المنورة يُعلّم الناس الحديث النبوي، ويُفتيهم في أمور دينهم حتى وفاته سنة 59 هـ.
نشاط الفهم وشرح المفردات
شرح المفردات والعبارات
- قمتم: أردتم.
- حرج: ضيق ومشق
- غرا محجلين: نور يظهر على جبين وأيدي وأرجل المتوضئين يوم القيامة.
مضامين النصوص الأساسية
- بين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الصفات التي يحبها في عباده المؤمنون.
- تبين الآية الكريمة لأنواع الطهارة وكيفية القيام بها.
- يبين الحديث الشريف لأثر الوضوء على المسلم يوم القيامة.
مفهوم الطهارة وحكمها ومقاصدها
مفهوم الطهارة
الطهارة: لغة: هي النظافة والخلو من الأوساخ حسية كانت أو معنوية. وشرعا: هي إزالة النجاسة والخبث عن البدن والثياب والمكان، فالطهارة هي زوال الوصف القائم بالبدن المانع من الصلاة ونحوها.
حكمها
واجبة على كل مسلم عاقل بالغ أراد الصلاة، وهو شرط من شروط صحة الصلاة، فلا تصح الصلاة إلا بها.
مقاصدها
شرع الله تعالى الطهارة وأوجبها لغايات، منها:
- الإخلاص لله تعالى بالامتثال لما أمرنا به لتكون عبادتنا صحيحة.
- الاستعداد للعبادة بتطهير الجسم وباطن الإنسان من النجاسة الأوساخ استعداد للوقوف بين يدي الله تعالى.
- الحفاظ على صحة البدن ونشاط الجسم وسلامته من الأمراض.
أنواع الطهارة وكيفية أدائها
أنواع الطهارة
تنقسم الطهارة إلى قسمين رئيسيين، هما:
الطهارة المعنوية: وهي طهارة النفس من الإشراك بالله تعالى والذنوب والمعاصي، فيجب على المسلم أن يطهر قلبه من أقذار المعاصي، وآثار الحسد، والحقد، والغل، والغِش، والكبر، والعجب، والرياء …، والالتزام بالإيمان بوحدانية الله تعالى والقيام بالأعمال الصالحة والعبادات المفروضة، وتعتبر طهارة النفس مكملة لطهارة البدن، حيث لا تقبل طهارة الجسم ما دام الشرك موجود في النفس.
الطهارة الحسية: وهي طهارة الجسم من النجس والأحداث، والتي تتمثل في التوضؤ أو الاغتسال أو التيمم، وهي نوعان:
- الطهارة الصغرى: وهي الوضوء وفرائضه السبعة (النية، الفور، الدلك، غسل الوجه، مسح الرأس، غسل اليدين إلى المرفقين، غسل الرجلين)، وسننه السبعة (غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، المضمضة، الاستنشاق، الإستنثار، رد مسح الرأس، مسح الأذنين، ترتيب الفرائض).
- الطهارة الكبرى (الغُسْل): وهي غسل جميع البدن بالماء بنية التطهر للعبادة، وتجب على الرجل والمرأة في حالة الجنابة، وفي حال نزول دم الحيض أو النفاس من المرأة.
كيفية أدائها
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي المَاءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ.
طهارة بالتيمم: وهو ضربتان على صعيد طاهر (تراب، رمل، حجر) مع المسح على الوجه في الأولى، ومسح اليدين إلى المرفقين في الثانية، ويلجأ إلى التيمم عند انعدام الماء أو العجز عن استعماله لمرض أو الخوف، أو البرد الشديد.
استنتاج
الطهارة هي الأساس الذي تقوم عليه كل العبادات، وما قرنها الله بالعبادة إلا ليكون المسلم حريصا عليها في كل الأحوال. فهي شطر الإيمان.