النص السردي - مدخل مفاهيمي
تقديم
تستعمل كلمة الحكي في كتابات النقدية العربية بمعنى رواية حدث أو سلسلة من الأحداث. والحكاية قد يكون موضوعها أحداثا واقعية أو واقعية ممزوجة ببعض الخيال أو كلها مغامرات خيالية، ويمكن دراسة الحكي من جانبين: جانب يهتم بالمادة الحكائية، وجانب يهتم بطريقة عرض الأحداث والشخصية وكيفية التعبير عنها وهو الخطاب الذي يجسد الحكاية، ونجد الحكي في نصوص مختلفة منها السرد.
مفهوم السرد
يقوم الحكي عامة على دعامتين أساسيتين:
- أولهما : أن يحتوي على قصة ما، تضم أحداثا معينة.
- ثانيهما : أن يعين الطريقة التي تحكي بها تلك القصة، وتسمى هذه الطريقة سردا، ذلك أن قصة واحدة يمكن أن تحكى بطرق متعددة، ولهذا السبب فإن السرد هو الذي يعتمد عليه في تمييز أنماط الحكي بشكل أساسي.
وظائف السارد
للسارد في القصة وظائف متعددة منها:
- الوظيفة السردية : حيث يقوم السارد بحكي الأحداث، وتقديم الشخصيات ووصف الأمكنة والأشياء.
- الوظيفة التفسيرية : قد يؤدي السارد أحيانا وظيفة تفسيرية لما يحدث للشخصيات من أحداث، بحيث يسلط الضوء عليها، موضحا، وشارحا أسبابها.
- الوظيفة التواصلية : يتوجه السارد إلى المسرورد له – وهو القارئ النهائي – ليحقق نوعا من التواصل معه.
- الوظيفة التقييمية : حيث يقوم السارد بالتعليق على بعض الأحداث، انطلاقا من وجهة نظره، ومن موقفه الفكري أو الخلقي أو وصفه لأحدى شخصيات القصة بطريقة ساخرة تعبر عن نوع من التهكم والأحتقار.
طرائق السرد
للسرد طرائق متنوعة سواء في القصة القصيرة أو الرواية بحيث يمكن التمييز بين ثلاث رؤيات سردية.
الرؤية من خلف
يتميز السارد فيها بكونه يعرف كل شيء عن شخصيات عالمه، بما في ذلك أعماقها النفسية وأحاسيسها، وأفكارها، مخترقا جميع الحواجز، منتقلا في الزمان والمكان دون صعوبة. ويفترض أن تحكي القصة التي تعتمد هذه الرؤية السردية بضمير الغائب.
الرؤية مع
السارد هنا يتساوى في المعرفة مع الشخصية، فهو لا يقدم لنا أي تفسير للأحداث قبل أن تصل الشخصية ذاتها إليه، ويستعمل ضمير المتكلم أو المخاطب في هذه الرؤية، حيث يتطابق السارد بالشخصية القصصية.
الرؤية من خارج
يكون السارد في هذه الرؤية أقل إدراكا ومعرفة من أي أشخصية في القصة، وهو بذلك ل ايمكنه إلا أن يصف مايرى ويسمع، دون أن يتجاوز ذلك كما هو أبعد، كالحديث عن وعي الشخصيات وأفكارها مثلا، أو التعليق على الأحداث فهو سارد محايد.
أشكال السرد
- السرد المتسلسل: يتمّ سرد الأحداث هنا بحسب الزمن الذي وقعت فيه، وأكثر النصوص التي يتبع فيها هذا الأسلوب هي التاريخية واليوميات، فمثلاً يقوم السارد بذكر الحدث الأول الذي وقع في الزمن الأول وينتقل السارد للزمن الثاني ويذكر الأحداث التي وقعت فيه وهكذا.
- السرد المتقطع: يتمّ سرد الأحداث بناءً على التتابع المنطقي لها، من خلال الاعتماد على مجموعة من التقنيات المختلفة كالوصف والتلخيص إضافةً للحذف والاسترجاع.
- السرد التناوبي: تذكر فيها الأحداث بالتناوب وبالترتيب، بحيث يذكر السارد الأولى ثمّ الثانية وهكذا، ولكن يجب هنا أن تكون قواسم أو أمور مشتركة بين كلٍ من الشخوص والأحداث، وهو الأكثر انتشاراً في المسلسلات التلفزيونية.
الجدير بذكره أنّ ثمة فرق كبير بين الكاتب والشخصية والسارد، فالأول هو الذي قام بتأليف الحكاية أو الثاني فهو الذي تدور حوله الأحداث ويتحدث عنه الكاتب، أمّا السارد فهو الذي يقوم بذكر الأحداث.