الإيمان وعمارة الأرض - الدرس

الوضعية المشكلة

في نقاش بين زميلين حول عمارة الأرض والوجود الإنساني، أشار محمد إلى أن الإسلام يقدم أروع صورة لعمارة الأرض والإنسان المستخلف في ظل عقيدة التوحيد وحقيقة الإيمان، بينما أشار سعد إلى أن الحضارة الغربية وما حصلته من تقدم على المستوى المادي والتقني تمثل أفضل نموذج لعمارة الأرض.

  • ما موفقكم من هذين الرأيين؟

النصوص المؤطرة للدرس

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ۝ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ۝ وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾.

 [سورة يوسف، الآيات: 55 – 56 – 57]

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ﴾.

 [سورة يوسف، الآية: 47]

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾.

 [سورة هود، الآية: 61]

توثيق النصوص والتعريف بها

التعريف بسورة هود

سورة هود: مكية ما عدا الآيات 12، و17، و114 مدنية، عدد آياتها 123 آية، ترتيبها 11 في المصحف الشريف، نزلت بعد “سورة يونس”، سميت بهذا الاسم تخليدا لجهود نبي ‏الله ‏هود ‏في ‏الدعوة ‏إلى ‏الله، يدور محور السورة حول أصول العقيدة الإسلامية، وقد عرضت لقصص الانبياء بالتفصيل تسلية للنبي على ما لاقاه من أذى المشركين، ليتأسي بهم في الصبر والثبات.

نشاط الفهم وشرح المفردات

قاموس المفاهيم الأساسية

  • يتبوأ منها: يتخذ منها منزلا.
  • دأبا: دائبين كعاداتهم في الزراعة.
  • واستعمركم فيها: وجعلكم عمارها وسكانها.

مضامين النصوص الأساسية

  • تمكين الله عز وجل ليوسف عليه السلام في الأرض لتعميرها بالعدل والإصلاح.
  • التدبير الفلاحي الذي عمد له يوسف عليه السلام دليل على الإعمار الجيد لأرض مصر.
  • دعوة صالح عليه السلام قومه إلى عبادة الله تعالى لأنها مقصد من مقاصد الاستخلاف في الأرض.

مبدأ الاستخلاف أساس عمارة الأرض

مفهوم الاستخلاف وعمارة الأرض

مفهوم عمارة الأرض

عمارة الأرض: لغة: مشتقة من عمر المكان أي أصلحه وبناه، وضده الهدم والخراب، واصطلاحا: تعمير الأرض بالعمل الصالح المادي والمعنوي المؤدي إلى الانتفاع بخيراتها بلا إفساد، واستصلاح أحوالها بما ييسر للإنسان الحياة الطيبة، ويحقق مرضاة الله تعالى.

مفهوم الاستخلاف

الاستخلاف: لغة؛ مشتق من فعل استخلف، نقول استخلف فلان فلانا، أي جعله خليفة له، واصطلاحا: هو التمكين في الأرض والملك لها والقيادة والسيادة لمن عليها، وقد وعد الله تعالى عباده المؤمنين بالاستخلاف في الأرض والتمكين فيها، فقال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾.

الاستخلاف في الأرض أساس عمارة الأرض

الاستخلاف في الأرض مهمة الإنسان الوجودية ووظيفته التعبدية، للإنابة عن الله في الأرض بغرض إعمارها وإصلاحها وتنفيذ مراده فيها بكل ما يفيد الفرد والمجتمع، بإقامة العدل والرحمة ونشر الخير والإحسان، وانقاد البشرية من مستنقعات الجهل والإلحاد وإرشادهم للاستقامة والاطمئنان، قال تعالى: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾.

النهي عن الإفساد في الأرض

من أهداف مبدأ الاستخلاف الإصلاح في الأرض بعمارتها وعدم الإفساد فيها، حيث أمر الإسلام بالإحسان والإصلاح ونهى عن الإفساد، فقال تعالى: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾، ومن صور الإفساد في الأرض، نذكر: عدم الاعتداء على الأموال والأعراض والأرواح، وتلويث البيئة، وأكل أموال الناس بالباطل، وتضييع حقوق الآخرين، قال تعالى: ﴿قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ﴾.

واجب المؤمن عمارة الأرض وإصلاحها

أمانة الاستخلاف وواجب التعمير

أعظم أمانة تحملها الإنسان هي أمانة خلافة الله تعالى في الأرض لتعميرها، لكن لا يستوي من عمرها إيمانا وإصلاحا مع من عمرها ظلما وجورا وعدوانا وكفرا، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِف َفِي الْأَرْض ِفَمَنْ كَفَر َفَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُم ْإِلَّا خَسَارًا﴾.

واجب المؤمن عمارة الأرض وإصلاحها

ولنا في رسول الله يوسف عليه السلام الأسوة الحسنة، حينما اعتمد تقنية تخزين الحبوب أكثر من سبع سنين تفاديا لهلاك الناس بسبب المجاعة، قال تعالى: ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ﴾.

التمكين في الأرض للمؤمنين الصالحين

قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.