السينما والصورة الفوتوغرافية
النص القرائي
الصورة تعبير بصري وإبداع يتخذ التخيل والحكي سبيلا لترجمة أفكار ومعان مستمدة من التربية الثقافية التي تتحرك فيها السينما. من هنا كانت الصورة دائما متعددة وجامعة، تختزن أشياء كثيرة، ومن ثم دلالات كثيرة. والتجذر الثقافي للصورة يجعلها إطارا لتأويلات مختلفة لأنها، بسبب بعدها التواصلي وتعدد معانيها مادة يسهم المتلقي في تحديد معناها وقيمتها. لذلك فالصورة التي يدركها المتلقي الأمريكي ليست هي الصورة التي يتفاعل معها الإنسان العربي أو الأفريقي. فقراءتها تتأثر بانتماء المشاهد اجتماعيا وثقافيا. مسألة تلقي الصورة استوجبت إضافة عنصر آخر يمنح معناها مزيدا من القوة في التعبير والتأثير، سواء كان كلاما (حوارا أو تعليقا...) أو كتابة داخل إطار الصورة. حاجة الصورة لهذا العنصر المقوي لا تعني ضعف الصورة بقدر ما يكسبها هذا العنصر الإضافي القدرة على التغلغل والتجذر في المجتمع والثقافة، أو توجيه المتلقي إلى معنى من المعاني التي تحملها. ولا تختلف الصورة السينمائية عن الصورة الفوتوغرافية في كون هذه الأخيرة لا تتحرك فحسب، بل إن إدراكها ورؤييتها والعلاقة معها تستدعي فهما مختلفا. فما تعمل الصورة الفوتوغرافية على إعادة إنتاجه، بشكل لا متناه، حصل في واقع الأمر مرة واحدة. إنها تكرر آليا ما لا يمكن تكراره وجوديا، والحدث فيها لا يحيل على شيء آخر. وبينما تكون الصورة السينمائية منزاحة على الدوام ومنطلقها مبني على التكون المتحرك، نجد الصورة الفوتوغرافية تعبر عن شيء انتهى، لأن ثبات هذه الصورة هو نتيجة التباس بين مفهومين: الواقعي والحي. فهي حين تشهد أن الموضوع كان واقعيا، فإنها تحث، خلسة، على الاعتقاد بأنه حي. إن الفارق بين الصورة السينمائية والفوتوغرافية غني بالمعاني، ويعبر عن اختلاف في النظر والإحساس والفهم والإحالة. فالصورة الفوتوغرافية يمكن أن أتأمل فيها ما شئت من الوقت، بكل ما تستحضره من ذكرى وإحالة ومقايسة، أما الشريط السينمائي فهو صور مسترسلة، منزاحة ومتسلسلة. فبمجرد ما أغمض أنا المشاهد عيني يتغير العالم البصري التخيلي أمامي. والسينما حين تكثف أربعا وعشرين صورة في الثانية، فإنها في الواقع تصوغ أكثر من أربع وعشرين حقيقة في الفترة الزمنية نفسها، وعلى اعتبار أن الصورة تتضمن أكثر من دلالة، وتختزن أكثر من حقيقة. نور الدين أفاية، "السينما، الكتابة والهوية"، مجلة الوحدة. |
عتبة القراءة
ملاحظة مؤشرات النص الخارجية
نوعية النص
مقالة تفسيرية ذات بعد فني ثقافي.
مجال النص
النص ينتمي إلى المجال الفني / الثقافي.
الصورتان المرفقتان
تنسجمان مع العنوان، لأن إحداهما تمثل الكاميرا التي تستخدم في السينما، والأخرى تمثل آلة التصوير التي تستخدم في التقاط الصور الفوتوغرافية.
العنوان (السينما والصورة الفوتوغرافية)
- تركيبيا: يتكون العنوان من أربع كلمات تكون فيما بينها مركبين: الأول عطفي (السينما والصورة) والثاني وصفي (الصورة الفوتوغرافية).
- دلاليا: يفترض أن يقارن الكاتب بين السينما والصورة الفوتوغرافية.
بداية النص ونهايته
- بداية النص: تشير إلى تعريف الصورة (تعبير بصري) وعلاقتها بالسينما.
- نهاية النص: يواصل فيها الكاتب مقارنته بين السينما والصورة.
بناء فرضية القراءة
بناء على القراءة الاولية للنص نفترض أن موضوعها يتناول موضوع السينما والصورة الفوتوغرافية.
القراءة التوجيهية
الايضاح اللغوي
- ترجمة الأفكار: شرحها ونقلها بشكل واضح.
- التجذر الثقافي: العمق والأصل الثقافيان.
- الالتباس: التداخل المؤدي إلى الإشكال.
- خلسة: خفية.
الفكرة المحورية للنص
مقارنة الكاتب بين السينما والصورة، وإبراز مميزات كل منهما ..
القراءة التحليلية للنص
الأفكار الأساسية
- التعريف بالصورة ودور المتلقي في إعادة الحياة إليها وإبراز دلالاتها.
- دور الكتابة أو التعليق المرفق بالصورة في توجيه قراءتها وإغناء دلالتها.
- مقارنة الكاتب بين الصورة والسينما من حيث الحركية والثبات، والخيال والواقع.
خصائص الصورة الفوتوغرافية والصورة السينمائية
خصائص الصورة الفوتوغرافية
- ثابتة.
- تابثة ونهائية.
- قابلة للتأمل والإحالة والمقايسة.
خصائص الصورة السينمائية
- متحركة.
- منزاحة ومتحركة.
- متسلسلة بشكل لا يتيح فرصة للتأمل والإحالة والمقايسة.
القراءة التركيبية
يعالج النص موضوعا فنيا يقارن من خلاله الكاتب بين السينما بوصفها إبداعا متحركا والصورة الفوتوغرافية بوصفها إبداعا ثابتا، حيث ذكر مميزات وخصائص كل منهما وأوجه التشابه والاختلاف بينهما.
أما على مستوى الأسلوب يبدو أن النص ذو طبيعة نقدية فنية تظهر فيه ملامح إصدار حكم قيمة مما جعله غنيا بالمصطلحات الأدبية والنقدية مثل: التخيل – الحكي – الصورة – منزاحة – الانزياح – الواقعي والحي – الإحالة ...