سقوط الإمبراطورية العثمانية وتوغل الاستعمار بالمشرق العربي

مقدمة

في مطلع القرن 20 انھارت الإمبراطورية العثمانية، وفرضت بريطانيا الانتداب (شكل استعماري) على المشرق العربي.

  • ما ھي عوامل سقوط الإمبراطورية العثمانية؟
  • ما ھي مظاھر وعواقب الانتداب البريطاني والفرنسي على المشرق العربي؟

عوامل سقوط الإمبراطورية العثمانية

شھدت الإمبراطورية العثمانية أزمات متعددة قبيل الحرب العالمية الأولى

بلغت الإمبراطورية العثمانية في بداية القرن 20 درجة كبرى من الانحطاط: قلة الموارد المالية، تراكم الديون الخارجية، الفوضى الإدارية وضعف الجيش العثماني. في ظل ھذه المعطيات تزايدت الأطماع الأجنبية، ودخلت الإمبراطورية العثمانية في تبعية للدول الأوربية وخاصة ألمانيا، ولھذا اضطرت إلى المشاركة في الحرب العالمية الأولى إلى جانب دول الوسط.

تزايد التمركز الإمبريالي بالإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى (1914–1918)

اعتمد التمركز الإمبريالي بالمشرق العربي خلال الحرب العالمية الأولى على عدة وسائل من أبرزھا:

  • التحريض البريطاني للثورة العربية من خلال المراسلات الدبلوماسية بين مكماھون (المندوب السامي الإنجليزي في مصر) والحسين بن علي (امير الحجاز = شريف مكة )
  • مشروع تقسيم المشرق العربي بين بريطانيا وفرنسا وإنشاء دولة عربية خاضعة لنفوذھما من خلال عقد اتفاقية سايكس بيكو لسنة 1916

استھدف التمركز الإمبريالي السيطرة على المشرق العربي نظرا لأھمية ثرواته الطبيعية ولموقعه الإستراتيجي، كما استھدف إضعاف الإمبراطورية العثمانية والتعجيل بنھايتھا

ساھم تطور الحركات القومية والانفصالية في سقوط الإمبراطورية العثمانية

في سنة 1908 قامت جمعية الاتحاد والترقي (حزب تركيا الفتية) بانقلاب عسكري أطاح بالسلطان عبد الحميد الثاني، واتبع النظام الجديد سياسة التتريك التي تمثلت في احتكار الأتراك للوظائف الإدارية والتعصب للغة التركية على حساب باقي القوميات، فكان رد فعل العرب ھو عقد المؤتمر العربي بباريس سنة 1913، الذي طالب إشراك العرب في الإدارة المركزية العثمانية واتخاذ اللغة العربية لغة رسمية ونھج الحمركزية الإدارية

في سنة 1916 انطلقت الثورة العربية الكبرى من مكة بزعامة فيصل بن الحسين الذي قاد حملة عسكرية بمساعدة لورانس العربي (جاسوس انجليزي) وصلت إلى دمشق سنة 1918

اختفت الإمبراطورية العثمانية بعقد معاھدة سيفر، وتأسست دولة تركيا

انھزمت الإمبراطورية العثمانية (إلى جانب دول الوسط) في الحرب العالمية الأولى، فأجبرت على التوقيع على معاھدة سيفر 1920 والتي بموجبھا فقدت أراضيھا في البلقان والمشرق العربي وانحصر نفوذھا في الأناضول.

في ظل ھذه المعطيات تزعم مصطفى كمال الحركة القومية التركية من خلال عقد مؤتمر أرضروم سنة 1919 الذي قرر مناھضة الحكم العثماني الضعيف والتدخل الأجنبي في الأناضول، مما ساھم في تأسيس تركيا سنة 1923.

الانتدابان البريطاني والفرنسي ونتائجھما

فرضت بريطانيا وفرنسا الانتداب على المشرق العربي منذ سنة 1920

بمقتضى اتفاقية سان ريمو لسنة 1920، فرض الانتداب الإنجليزي على العراق والأردن وفلسطين، والانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان.

تنفيذا لذلك، عينت بريطانيا الحسين بن علي ملكا على العراق، وعينت أخاه عبد الله ملكا على الأردن، في المقابل حولت فرنسا الانتداب إلى حكم مباشر في بلاد الشام، وفصلت لبنان عن سوريا، وقسمت ھذه الأخيرة إلى أربع مناطق وفق المفھوم الطائفي.

خلف الانتداب نتائج متعددة

  • في المجال الفلاحي: فرض الاستعمار قانون التسجيل والمحافظة العقارية كوسيلة لتفويت الأراضي الخصبة إلى المعمرين الأوربيين وبعض عملائھم، كما أقام زراعية تسويقية، ونتج عن ذلك تفقير الفححين العرب الذين اكتفوا بالزراعة المعيشية.
  • في الميدان الصناعي: شيد الاستعمار بعض الوحدات الصناعية الحديثة لتلبية حاجيات الجالية الأجنبية،كما منح للشركات الأمريكية والأوربية حق التنقيب عن الثروات الطبيعية وفي طليعتھا البترول، ونتج عن ذلك تدھور الصناعة التقليدية العربية.
  • في الميدان التجاري: اتخذ الاستعمار المشرق العربي سوقا للمنتوجات الصناعية ومصدرا للمواد الأولية، ونتج عن ذلك عجز الميزان التجاري لبلدان المنطقة، في نفس الوقت ضايق التجار الأوربيون نظرائھم العرب فتعرض ھؤلاء للإفلاس.
  • في الميدان المالي: تم إحداث فروع للأبناك الأوربية بالمشرق العربي والتي قامت بالاستثمار في مختلف المشاريع، كما فرض الاستعمار على السكان العرب ضرائب كثيرة.

خاتمة

في ظل تزايد الاستغلال الاقتصادي وتأزم الأوضاع الاجتماعية، كان رد فعل العرب ھو القيام بثوارث وتأسيس الحركات الوطنية المناھضة للاستعمار.