التحولات الاجتماعية بأوربا وبروز الفكر الاشتراكي

مقدمة

عرفت أوربا تحولات اجتماعية وفكرية خلال نهاية القرن 19م وبداية القرن 20م، وذلك بسبب التطورات الاقتصادية وتحكم الرأسمالية في الاقتصاد والسياسة، حيث ظهر الفكر الاشتراكي وتبنته الطبقة العاملة لمواجهة الاستغلال الرأسمالي.

  • فما هي مظاهر وعوامل النمو الديموغرافي والحضري بأوربا؟
  • ما هي تحولات البنية الاجتماعية؟
  • كيف برز الفكر الاشتراكي وظهرت الحركة النقابية؟

النمو الديموغرافي والحضري بأوربا خلال القرن 19م

النمو الديموغرافي بأوربا خلال القرن 19م

تضاعف عدد سكان أوربا خلال القرن 19م بفعل العوامل الآتية:

  • انخفاض نسبة الوفيات أمام تحسن مستوى التغذية والظروف الصحية.
  • استمرار ارتفاع نسبة الولادات بسبب عدم تطبيق سياسة تحديد النسل.
  • فتوة البنية السكانية نتيجة ارتفاع معدل التكاثر الطبيعي.

النمو الحضري

عرف النمو الحضري بأوربا تطورا سريعا حيث تضخم عدد سكان بعض المدن الأوربية، وقد اقترن النمو الحضري السريع بعاملين هما:

  • عامل رئيسي: انتشار الهجرة القروية.
  • عامل ثانوي: ارتفاع معدل التكاثر الطبيعي.

تحركات السكان الأوربيين خلال القرن 19م

ارتبطت الهجرة الداخلية في البلدان الأور لبية عدة أسباب، منها:

  • الثورة الصناعية.
  • التوسع الرأسمالي.
  • ضعف دخل الفلاحين.

وقد سادت الهجرة بين الدول الأوربية بفعل تباين مستوى التصنيع ودرجة التقدم الاقتصادي خلال القرن 19م، حيث هاجر الأوربيون إلى مختلف القارات وخاصة القارة الأمريكية واستراليا بالإضافة إلى جنوب إفريقيا، وقد عملت الدول الأوروبية على تشجيع الهجرة الخارجية للتخفيف من حدة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية الدورية.

تحولات البنية الاجتماعية بأوربا خلال القرن 19م

تراجعت الإقطاعية وتصاعدت البورجوازية

حافظت الارستقراطية على نفوذها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في أوربا الشرقية التي ظلت فيها الفلاحة التقليدية النشاط الرئيسي، في المقابل تعززت مكانة البورجوازية في أوربا الغربية التي شهدت الثورة الصناعية، وقد صنفت البورجوازية على أساس امتلاك الثروة إلى ثلاثة أنواع، هي:

  • البورجوازية الكبيرة: وتشمل رجال الأعمال وأرباب المصانع والتجار الكبار.
  • البورجوازية المتوسطة: وتشمل مدراء الشركات وذوي المهن الحرة.
  • البورجوازية الصغيرة: وتشمل الموظفين والتجار الصغار.

تضاعف حجم الطبقة العاملة

أدت الثورة الصناعية إلى تزايد أعداد الطبقة العاملة الأوربية التي كانت تعاني من قساوة الظروف الاجتماعية، منها:

  • طول مدة العمل اليومي.
  • ضعف الأجور.
  • السكن غير اللائق.
  • نقص وسوء التغذية.
  • انتشار الأوبئة.
  • كثرة تشغيل الأطفال والنساء بأجور زهيدة.

بروز الفكر الاشتراكي والحركة النقابية ونتائجها

ظهر الفكر الاشتراكي بأوربا خلال القرن 19م

إذا كان النهج الاقتصادي الليبرالي قد مثل مصالح البورجوازية، فإن الفكر الاشتراكي دافع عن مصالح الطبقة الفقيرة، وقد صنفت الاشتراكية إلى نوعين رئيسيين، هما:

  • الاشتراكية الطوباوية: من مبادئها انتقاد الملكية الخاصة، والمناداة بسيطرة الدولة على وسائل الإنتاج، وإنشاء التعاونيات، ومن أبرز أقطابها الفرنسيان سان سيمون، وشارل فوريي، والانجليزي روبير أوين، وتولدت الفوضوية عن هذا الاتجاه.
  • الاشتراكية العلمية: من أهم مبادئها اعتبار الصراع الطبقي أساس التطور التاريخي، ودعوة العمال (البرولتياريا) إلى استعمال العنف الثوري (الإضرابات، المظاهرات، الثورات) للقضاء على الرأسمالية ولإقامة النظام الاشتراكي، ومن أبرز زعماء هذا الاتجاه المفكر الألماني كارل ماركس.

نشأت الحركة النقابية بأوربا وحصل العمال على بعض المكاسب

في النصف الأول من القرن 19م شكل العمال في بعض الدول الأوربية عدة جمعيات من أجل الدفاع عن حقوقهم.

في النصف الثاني من نفس القرن 19م تأسست نقابات عمالية قوية في كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وتكتلت هذه النقابات العمالية عالميا في إطار عرف باسم "الأممية".

حصل العمال الأوربيون على بعض المكاسب من أهمها تقليص مدة العمل اليومي، والزيادة في الأجور، والاستفادة من عطلة نهاية الأسبوع، وإحداث تعويضات المرض وحوادث الشغل والتقاعد والبطالة، وحق الإضراب، ومنع تشغيل الأطفال، والاحتفال بعيد الشغل (في فاتح ماي من كل سنة).

خاتمة

تعتبر هذه التحولات الاجتماعية والفكرية انعكاسا مباشرا للتطورات الاقتصادية في أوربا خلال القرن 19م والتي واكبها بروز قوى رأسمالية جديدة خارج أوربا هي الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.

شرح العبارات

  • الأرستقراطية: الطبقة الغنية الحاكمة في القرن 19م وما قبل يقصد بها الإقطاعية (كبار الملاك في إطار الفلاحة التقليدية).
  • الاشتراكية: نظام اقتصادي اجتماعي اعتمد على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وعلى المساواة الاجتماعية.
  • الرأسمالية: نظام اقتصادي واجتماعي اعتمد على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وعلى الفوارق الاجتماعية.
  • وسائل الإنتاج: الممتلكات التي تذر دخلا، :مثل المصانع، المتاجر، الأبناك، الضيعات الفلاحية.
  • الفوضوية: فرع من الحركة العمالية ونظرية سياسية دعت إلى إلغاء الدولة، ومن أشهر منظريها الفرنسي برود ون والروسي باكونين.