الاتحاد الأوربي بين الاندماج والمنافسة
تقديم إشكالي
يشكل الاتحاد الأوربي أحد النماذج الناجحة للتكتلات الجهوية في العالم المعاصر، حيث يعرف نوعا من الاندماج في مجالات عدة، كما يعرف تنافسا في مجالات أخرى.
- فما مجالات ومظاهر الاندماج بين دول الاتحاد الأوربي؟
- وما أوجه المنافسة التي يواجهها؟
ساهمت عدة عوامل في اندماج دول الاتحاد الأوربي في مختلف المجالات
حققت دول الاتحاد الأوربي الاندماج في عدة مجالات وعبر مراحل تاريخية
تتعدد مجالات الاندماج المجالي بين دول الاتحاد الأوربي، وهي:
- المجال السياسي: تم توحيد السياسة الخارجية والأمن والدفاع المشترك مع مراقبة الحدود، كما تم وضع مشروع الدستور الأوربي ليكون أسمى قانون يوحد البلدان الأوربية للتأسيس للمواطنة الأوربية.
- المجال الاقتصادي: تم تطبيق حرية تنقل الأشخاص والخدمات والرساميل، مع وضع سياسة فلاحية مشتركة، وسك عملة موحدة (الأورو).
- المجال الاجتماعي: عمل الاتحاد الأوربي على تنمية الشغل، وتحسين ظروف العيش، وتطبيق المساواة بين الرجل والمرأة، مع توحيد قانون الشغل.
- المجال البيئي: يولي الاتحاد أهمية كبرى لحماية وتحسين جودة البيئة، مع الاستعمال الآمن المعقلن للموارد الطبيعية.
وقد مر الاندماج بين بلدان الاتحاد الأوربي بثلاث مراحل كبرى:
- إنشاء منطقة التبادل الحر، وتطبيق الوحدة الجمركية، حيث تم إلغاء حقوق الجمارك ووضع تعريفة خارجية موحدة.
- إنشاء سوق موحدة تضمن تنقل السلع والرساميل والخدمات، وحرية تنقل اليد العاملة.
- تطبيق الوحدة الاقتصادية والمالية بالعمل على الاندماج الاقتصادي والمالي، مع توحيد السياسة المالية والجبائية.
ساهمت مجموعة من العوامل في اندماج دول الاتحاد الأوربي
لعبت عدة عوامل دورا كبيرا في تسهيل عملية اندماج بلدان الاتحاد الأوربيون ومنها:
- الوحدة الجغرافية: التي تتجلى في الانتماء للقارة الأوربية.
- التاريخ والمصير المشترك: أي محاولة تجاوز مخلفات الحروب والأزمات السابقة.
- تقارب الأنظمة السياسية والاقتصادية: التي تتبنى النظام الرأسمالي الديمقراطي الملتزم بحقوق الإنسان، ونهج النظام الرأسمالي اللبيرالي (اقتصاد السوق).
- مواجهة تحدي العولمة: الوقوف في وجه المنافسة الأمريكية واليابانية.
يفسر تعدد مجالات الاندماج بين دول الاتحاد الأوربي مكانته العالمية
استطاعت دول الاتحاد الأوربي أن تحقق الاندماج وذلك في عدة ميادين:
- ميدان السياسة والأمن: بخلق الوكالة الأوربية لمراقبة الحدود، والتي تقوم بدوريات أمنية مشتركة، والعمل على ضبط الهجرة السرية، مع إلغاء الحدود بين دول الاتحاد.
- ميدان الاقتصاد والمال: تعمل السياسة الفلاحية المشتركة على الرفع من الإنتاجية وضمان الاستقلال الغذائي بتقديم المساعدة للفلاحين، مما جعل الاتحاد ثاني مصدر للمنتوجات الفلاحية، كما أن الأورو أصبح عملة منافسة للدولار الأمريكي.
- ميدان التكنولوجيا: تعمل شركة أريان إسباس الأوربية في مجال البرامج الفضائية لصناعة الصواريخ والأقمار الاصطناعية، كما أن طائرة إيرباص تصنع قطعها بعدة دول أوربية.
- مجال التربية والتكوين: عن طريق التعاون بين البلدان الأعضاء قصد تنمية تعليم جيد.
وقد شمل الاندماج مجالات أخرى، مثل الثقافة والبيئة وحماية مصلحة المستهلكين، كما تعد المبادلات التجارية بين بلدانه الأعضاء، والتي تصل نسبتها إلى %60 من مجموع مبادلات الاتحاد أحد المظاهر البارزة للاندماج.
تتعدد أوجه التنافس بين دول الاتحاد الأوربي
إذا كان الهدف من تأسيس الاتحاد الأوربي هو مواجهة التكتلات الجهوية والمنافسة العالمية، فهذا لا يعني عدم وجود منافسة بين بعض الدول المشكلة للاتحاد، حيث أن مبدأ المنافسة خاص في المجال الاقتصادي، كان من مبادئ البناء التشاركي الأوربي، حيث من بين مظاهر هذه المنافسة هو التسابق نحو الأسواق الخارجية، وقد ظهرت مجموعة من الانعكاسات لهذا التنافس:
- تعمل جماعات الضغط (اللوبيات) بالشركات الأوربية الكبرى على تكريس مبدأ المنافسة للحفاظ على مصالحها.
- اختلال مصالح الدول الكبرى من خلال اختلاف السياسات الخارجية.
- ظهور قوى متباينة ومتنافسة وغير متكافئة، ويتمثل ذلك في دول الأطراف، والدول المركزية المهيمنة على السلطات السياسية والاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى منافسة القوى الاقتصادية الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية واليابان.
خاتمة
تمكنت دول الاتحاد الأوربي من تحقيق الاندماج في مجلات متعددة، وبالتالي تحقيق التكامل الاقتصادي، مما أدى إلى جعل الاتحاد الأوربي تكتلا جهويا قويا حقق لشعوبه الرخاء والنماء الاقتصادي والعيش الكريم.