أزمة 1929 (الأسباب والمظاهر والنتائج)

تقديم إشكالي

عرفت سنة 1929م أزمة اقتصادية كبرى انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية، ثم انتشرت في أوربا وباقي العالم، وقد خلفت الأزمة نتائج عميقة شملت مختلف مجالات الحياة في البلدان المتضررة.

  • فما هي أسباب، ومظاهر، ونتائج هذه الأزمة؟

تعددت أسباب ومظاهر أزمة 1929 التي انتشرت في مختلف مناطق العالم

أسباب أزمة 1929م

  • الأسباب غير المباشرة: بعد الحرب العالمية الأولى انهار اقتصاد أوربا وانتعش اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية بعدما أصبحت تزود أوربا بحاجياتها الصناعية والفلاحية طيلة فترة الحرب، فتطور الإنتاج الصناعي الأمريكي بنسبة %50 بعد توحيد الإنتاج والاعتماد على العمل المتسلسل، فحققت الولايات المتحدة أرباحا ضخمة استثمرتها في الخارج، وانتشرت ظاهرة المضاربة بالاعتماد على القروض، بشكل جعل أسعار هذه الأسهم لا تساير الزيادة الحقيقية في إرباح الشركات، وعاش الأمريكيون حياة ازدهار ورخاء.
  • السبب المباشر: انطلقـت الأزمة الاقتصادية في يوم الخميس (الخميس الأسود) 24 أكتوبر 1929م، حيث حدث انهيار مفاجئ في قيمة الأسهم ببورصة وول ستريت بنيويورك نتيجة طرح 19 مليون سهم للبيع دفعة واحدة، فأصبح العرض أكثر من الطلب، فانهارت قيمة الأسهم، فعجز بذلك المضاربون عن تسديد ديونهم مما أدى إلى إفلاس الأبناك.

مظاهر الأزمة

  • تراجع مؤشر الإنتاج الصناعي العالمي، في ما عدا روسيا واليابان.
  • إفلاس المؤسسات التجارية والصناعية وسقوطها في المديونية.
  • بروز ظاهرة فائض الإنتاج وانخفاض الأسعار وإفلاس الفلاحين (القطن، البن، القمح)، حيث تم اللجوء إلى إتلاف الجزء الفائض لتعود الأسعار إلى وضعيتها السابقة.
  • معاناة الفلاح من انخفاض الأسعار وارتفاع الضرائب والمديونية واضطراره إلى بيع أراضيه والهجرة.
  • انتشار البطالة وما رافقها من بؤس وتشرد في المجتمعات الرأسمالية المعرضة للأزمة مع تفاوتات كمية بين الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

انتشار الأزمة

لم تكن الأزمة عابرة أو حادثا تقنيا بل أزمة استقرت ودامت وبلغت قطاعات أخرى من الاقتصاد الأمريكي (الصناعة، السكك الحديدية، الخدمات العمومية ...)، فاضطرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى سحب رساميلها المستثمرة بالخارج، كما أوقفت إعاناتها للدول الأوربية، فامتدت الأزمة إلى الدول الصناعية الأوربية، وبفعل ارتباطها بالاقتصاد الأوربي فقد امتدت الأزمة إلى المستعمرات، كما مست بقية دول العالم بفعل سياسة الحمائية، ولم يفلت من الأزمة سوى الاتحاد السوفياتي لإتباعه النظام الاشتراكي.

تعددت نتائج الأزمة واختلفت طرق معالجتها

النتائج الاقتصادية والاجتماعية للأزمة

توقفت البنوك عن إقراض المؤسسات الصناعية مما أدى إلى إغلاق معظمها وبالتالي انخفاض الإنتاج وانتشار البطالة في الدول الرأسمالية، وتجاوز عدد العاطلين في الولايات المتحدة 15 مليون عاطل، كما تضرر قطاع الفلاحة إذ تضخم الإنتاج وانخفضت الأسعار فعجز الفلاحون عن تسديد الديون فسـُلبت منهم ممتلكاتهم وهاجر معظمهم نحو المدن، مما أدى إلى سوء الأحوال الاجتماعية، وتفاقم ظاهرة العاطلين، ومن جهة أخرى ضعفت المبادلات التجارية الدولية فتقلصت قيمتها من 2998 مليار دولار سنة 1929 إلى 992 مليار دولار سنة 1933.

النتائج السياسية

تدخلت الدول الرأسمالية في اقتصادياتها بشكل مباشر للتخفيف من تدهور الأوضاع، فطبقت الولايات المتحدة في عهد روزفلت الخطة الجديدة  بإنجاز الأشغال الكبرى من سدود وطرق، وتقليص ساعات العمل لتشغيل العاطلين، وتقليص المساحات المزروعة مع تعويض الفلاح لتخفيض الإنتاج ورفع الأسعار، والتأمين على البطالة، أما الدول الأوربية الديموقراطية مثل فرنسا فطبقت نفس الإجراأت، وفرضت السياسة الحمائية على أسواقها ومستعمراتها فتضررت الدول الدكتاتورية مثل ألمانيا وإيطاليا واليابان فنهجت سياسة التوسع وبذلك سيعود التوتر من جديد إلى أوربا والعالم.

خاتمة

استطاعت الدول الرأسمالية تجاوز الأزمة العالمية بفضل مجموعة من الإجراأت السياسية والاقتصادية.