الحرب العالمية الثانية (الأسباب والنتائج)

تمهيد إشكالي

انطلقت الحرب العالمية الثانية مع الهجوم الألماني على بولونيا في فاتح شتنبر 1939م، ليتسع ذلك الخلاف بإعلان فرنسا وإنجلترا الحرب على ألمانيا، وقد تعددت أسباب ومراحل هذه الحرب التي انتهت بإلقاء قنبلتين ذريتين على اليابان.

  • فما هي أسباب هذه الحرب، ومراحلها؟
  • وما هي أبرز نتائجها؟

أسباب الحرب العالمية الثانية

الأسباب الغير مباشرة للحرب العالمية الثانية

  • الأزمة الاقتصادية وما خلفته من تدهور لاقتصاديات الدول الأوربية خاصة ألمانيا.
  • معاهدة فرساي بشروطها القاسية التي استهدفت إضعاف ألمانيا عسكريا.
  • خرق هتلر منذ وصوله إلى السلطة سنة 1933م لشروط فرساي (الرفع من عدد الجنود، اعتماد التجنيد الإجباري، تطوير العتاد الحربي...).
  • ضمه لعدة مناطق بأوربا: إقليم السار سنة 1936م، النمسا سنة 1938م (ضمن ما عرف بقضية الأنشلوس) والسوديت بتشيكوسلوفاكيا.
  • إقامته لتحالفات مع الديكتاتوريات (إيطاليا واليابان) منذ سنة 1937م لتنفيذ برنامج الحزب النازي (المجال الحيوي).
  • انسحاب الدول الثلاث من عصبة الأمم المتحدة.
  • التوسعات اليابانية في جنوب شرق آسيا (الصين).

ساهمت هذه الأحداث وخاصة التوسعات في التمهيد الغير المباشر للحرب العالمية الثانية.

الأسباب المباشرة للحرب العالمية الثانية

زيادة توتر العلاقة بين ألمانيا وفرنسا بعد عقد الأخيرة لتحالف عسكري مع الاتحاد السوفياتي والذي اعتبرته ألمانيا موجها ضدها، وبالتالي تصميم هتلر على استعادة عدة مناطق كانت قد انتزعت منه (رينانيا وممر دانتزيك ببولونيا المطل على بحر البلطيق) بدعوى أن أغلبية سكانه ألمان، لكن كان الهدف الأساسي والحقيقي هو الرغبة في الاستيلاء على بولونيا لضمان التزود بالمواد الغذائية وتوسيع المجال الحيوي في اتجاه الشرق (روسيا) الغني بالفحم، لينقض بذلك معاهدة عدم الاعتداء مع بولونيا سنة 1934م، ويعقد حلف الفولاذ مع إيطاليا سنة 1939م ويجتاح الأراضي البولونية لتعلن فرنسا وإنجلترا الحرب على ألمانيا.

تضافرت إذن العوامل الغير المباشرة مع المباشرة وأدت مجتمعة إلى اندلاع حرب عالمية ثانية، التي مرت من مرحلتين.

المراحل الكبرى للحرب العالمية الثانية

المرحلة الاولى ما بين  1939 و1942م

تميزت هذه المرحلة باعتماد الحرب الخاطفة (المباغتة)، وشملت جبهات عدة في آسيا وأوربا:

  • الهجوم الايطالي الألماني على فرنسا واكتساحها وتوقيعها الهدنة مع دول المحور.
  • شن هجوم جوي على المدن الإنجليزية بما فيها لندن دام ثلاثة أشهر نتج عنه خسائر بشرية ومادية، وأمام صمود الدفاع الإنجليز نقل هتلر نشاطه العسكري إلى الجبهة المتوسطية.
  • احتلال إيطاليا لألبانيا ويوغسلافيا واليونان ودخولها إلى مصر، لكن الإنجليز تمكنوا من طرد الإيطاليين منها رغم تركز الألمان في عدة مناطق من مصر.
  • الهجوم الألماني على الاتحاد السوفياتي وتدميرها للسلاح الجوي السوفيتي على الأرض (عملية بارباروسا)، ووصول الألمان إلى مشارف موسكو، وعجزها عن التقدم بسبب قساوة المناخ والمقاومة السوفيتية، وخلف هذا الهجوم خسائر مادية وبشرية كبيرة.
  • الهجوم الياباني على القواعد الأمريكية بالمحيط الهادي (بيرل هاربر  1941) وإعلان روزفلت الحرب على اليابان.

بفضل اعتماد ألمانيا أسلوب الحرب الخاطفة واستعمال دول المحور أسلحة جد متطورة جوا وبرا وبحرا حققت ألمانيا وحليفاتها انتصارات كبيرة خلال هذه المرحلة.

مميزات وتطورات الحرب العالمية الثانية في المرحلة الثانية

تميزت المرحلة الثانية من الحرب العالمية الثانية بشمولية الحرب لأراضي القارات الأربع، وبحار ومحيطات العالم خاصة بعد دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب، ورغبة كل معسكر في الانتصار، وشملت الحرب أيضا جبهات عدة:

انتصار الحلفاء في معركة العلمين 1942م بمصر وتقدم القوات الانجليزية نحو طرابلس حيث إلتقت بجيوش الحلفاء القادمة من الدار البيضاء، وبالتالي طرد قوات المحور من ليبيا ومصر وتونس سنة 1943م.

انتصار المقاومة السوفييتية في ستالينغراد على ألمانيا وتحرير الجيش الأحمر للأراضي السوفييتية.

تشكيل التحالف الأكبر بين الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفياتي وإنجلترا، وشن هجوم على الألمان حررت بموجبه فرنسا واستلمت ألمانيا، فتم إعلان الحرب على اليابان.

كثفت الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفياتي هجومها على اليابان برا وبحرا وجوا ما بين 1944م و1945م نتج عنه هزائم متتالية لليابان وإغراق 4 حاملات طائرات يابانية، واستعاد الحلفاء عدة مناطق (غينيا الجديدة، الفلبين).

رفض اليابان الاستسلام بعد الإنذار الموجه لها من الولايات المتحدة فتم إلقاء قنبلتين ذريتين على هيروشيما في 6 غشت وناكازاكي في 9 غشت سنة 1945م ما أسفر عن استسلام اليابان.

كان استخدام القنبلة الذرية آخر فصل من فصول هذه الحرب، وقد ساهم التفوق اللوجستيكي الأمريكي والمقاومة السوفييتية في تغير الحرب لصالح الحلفاء لتنتهي الحرب مخلفة خسائر مادية وبشرية كبيرة.

خلفت الحرب نتائج بشرية ومادية وسياسية

النتائج المادية والبشرية للحرب العالمية الثانية

  • الخسائر البشرية: ارتفاع أعداد القتلى في صفوف المدنيين والعسكريين خاصة بالاتحاد السوفياتي، بولونيا، ألمانيا، يوغسلافيا، إيطاليا بسبب استعمال أسلحة متطورة، والنتيجة: نزيف ديموغرافي، وتراجع الساكنة النشيطة، وتدني نسبة الولادات والتأثير على الهرم العمري.
  • الخسائر المادية: تدمير المدن والبنيات التحتية الإنتاجية (المعامل، المزارع، الطرق ...) بأوربا، والنتيجة: انخفاض الإنتاج وصرف إمكانات مالية كبيرة لإعادة إنشاء البنيات، وارتفاع تكلفة الحرب من الناتج الوطني الخام الإجمالي للدول الأوربية، مما أدى إلى ارتفاع مديونيتها باللجوء إلى الاقتراض، ارتفاع الأسعار، وتدني مستوى معيشة الساكنة.

اختلفت الآثار الاقتصادية والمادية بين البلدان المشاركة في الحرب بحيث في الوقت الذي تضررت فيه البلدان الأوربية التي دارت الحرب فوق أراضيها ودمرت بنياتها الإنتاجية والتحتية، استفادت خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والبلدان المحايدة التي شغلت آلياتها الإنتاجية لتموين الحاجيات الحربية والغذائية للبلدان الأخرى، وقد أثرت الحرب العالمية الثانية على الأنشطة الاقتصادية للدول المتحاربة، حيث استنزفت مواردها الطاقية والمعدنية والفلاحية ما نتج عنه تزايد قوة الولايات المتحدة الأمريكية.

النتائج السياسية للحرب العالمية الثانية

أدت الحرب العالمية الثانية إلى تغيير موازين القوى على الصعيد العالمي، حيث عقد الحلفاء عدة مؤتمرات خلال وبعد الحرب العالمية الثانية للاتفاق على خريطة ما عالم بعد الحرب (مؤتمري يالطا وبوتسدام)، وكانت النتيجة تغير خريطة أوربا حيت توسعت مساحة عدة دول (الاتحاد السوفياتي، بولونيا، بلغاريا، فرنسا، ويوغسلافيا)، في حين فقدت أخرى أراضيها (اليابان، النمسا، وألمانيا).

تقسيم ألمانيا إلى أربع مناطق نفوذ خاضعة للدول الأربعة (إنجلترا، فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفياتي)، وبنفس الطريقة قسمت العاصمة برلين وفيينا.

ومن أجل تجاوز مخلفات الحرب أنشأت الدول العظمى أثناء عقد مؤتمر سان فرانسيسكو سنة 1945م هيأة الأمم المتحدة التي تشكلت من عدة أجهزة: كالجمعية العامة، ومجلس الأمن، ومحكمة العدل الدولية، بالإضافة إلى مؤسسات متخصصة: كمنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الشغل الدولية، وصندوق النقد الدولي، حيث عوضت عصبة الأمم، وكان من أهدافها:

  • حفظ السلم الدولي وحل النزاعات التي تحل به لتفادي قيام حرب مماثلة.
  • تعزيز حقوق الأفراد بلا تمييز واحترام الحريات.
  • تحقيق التعاون الدولي لحل القضايا ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية.

خاتمة

أدت الحرب العالمية الثانية إلى انقسام العالم إلى معسكرين مختلفين اقتصاديا وإيديولوجيا: الغربي الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، والشرقي الاشتراكي بزعامة الإتحاد السوفياتي، وساد التوتر بين المعسكرين ضمن ما اصطلح عليه بالحرب الباردة حيث سعى كل معسكر إلى تكوين أحلاف عسكرية عبر العالم وتسابق خلالها الطرفان نحو التسلح.