العالم العربي – مشكل الماء وظاهرة التصحر

تمهيد إشكالي

تواجه العالم العربي مجموعة من التحديات من أهمها مشكل الماء وفقدان الأراضي الزراعية بسبب ظاهرة التصحر، بالإضافة إلى مشكل التلوث، ومن المنتظر أن تزداد حدة هذه المشاكل مستقبلا.

  • فكيف تتوزع الموارد المائية بالعالم العربي؟
  • وأين تتجلى مظاهر وأبعاد أزمة الماء؟
  • وما هي مظاهر التصحر وتحدياته في العالم العربي؟
  • وما هي التدابير المتخذة لمواجهة هذه الظاهرة؟

توزيع الموارد المائية في العالم العربي ومظاهر الخصاص المائي

توزيع الموارد المائية في العالم العربي وعوامله

تعتبر التساقطات أهم مصدر للمياه في العالم العربي (%82) مقارنة مع المياه السطحية (%16.1) والجوفية (%1.5) وغيرها من المصادر الأخرى (%0.3)، ويختلف توزيع الموارد المائية حسب الأقاليم حيث تتركز %53.11 منها ببلدان النيل والقرن الإفريقي، و%31.29 ببلاد الشام والعراق، و%13.05 ببلدان المغرب العربي، وفي المرتبة الأخيرة تأتي شبه الجزيرة العربية ب%2.51، كما يختلف التوزيع حسب الدول، فإذا استثنينا العراق والسودان ومصر التي تستفيد من التزويد الخارجي، فإن باقي دول العالم العربي تعاني من قلة الماء، إما بسبب صغر المساحة أو قحولة المناخ.

بعض مظاهر الخصاص المائي بالعالم العربي

يعد العالم العربي من أفقر مناطق العالم على مستوى المياه رغم توفره على %10.2 من مساحة العالم، و%5 من سكانه، وتتجلى مظاهر الخصاص المائي بالعالم العربي في:

  • عدم توفره سوى على %0.5 من مجموع المياه المتجددة في العالم.
  • ضعف متوسط نصيب الفرد من المياه ( 1000م³) مقارنة بالمتوسط العالمي ( 7700م³)، بل إن هناك بعض الدول التي ينخفض فيها إلى اقل من 500م³ سنويا خاصة بشبه الجزيرة العربية.

ويمكن تقسيم دول العالم العربي حسب وضعيتها المائية إلى ثلاث مجموعات:

  • المجموعة الأولى: تتكون من الدول في وضعية جيدة ، لأن نصيب الفرد من الماء يفوق 2000م³ في السنة، وهي العراق والسودان وموريتانيا.
  • المجموعة الثانية: تضم الدول في وضعية متوسطة، لأن نصيب الفرد فيها يتراوح بين  1000 و2000م³ في السنة، وهي جزر القمر ولبنان والصومال والمغرب ومصر.
  • المجموعة الثالثة: تضم باقي الدول العربية التي هي في وضعية صعبة وخصاص مائي، لأن نصيب الفرد يقل عن 1000م³ في السنة، وهي أقطار شبه الجزيرة العربية والخليج العربي إضافة إلى الجزائر وتونس.

الأبعاد الديموغرافية والاقتصادية والإستراتيجية لمشكل الماء في العالم العربي

البعدان الديموغرافي والاقتصادي لمشكل الماء بالعالم العربي

يعد التطور السريع للسكان في العالم العربي من بين العوامل التي ساهمت ومازالت تساهم في تراجع حصة الفرد من الماء مما يهدد بخصاص مائي خطير في المستقبل، ويؤكد ذلك تطور الوضع المائي بهذه الأقطار ما بين 1950 و1990م، والذي انخفضت فيه حصة الفرد بشكل خطير من 4183م³ إلى 1303م³، ومن المتوقع أن تستمر في الانخفاض حسب توقعات 2025م لتصل إلى 553.8م³، كما أن تطور الأنشطة الاقتصادية بهذه البلدان يساهم في الرفع من استهلاك الموارد المائية، حيث تستحوذ الفلاحة على %88.6 متبوعة بالاستهلاك المنزلي %6.4، فالصناعة %5، وتؤكد التوقعات المستقبلية أن ضغط هذه القطاعات سيؤدي إلى تزايد الطلب على الماء خصوصا بالمدن الكبرى التي تعرف ضغطا سكانيا.

البعد الاستراتيجي لمشكل الماء في العالم العربي

يتجسد هذا البعد بوضوح في منطقة الشرق الأوسط التي بدأت تظهر بها معالم أزمة مائية بسبب القحولة وعدم كفاية الأراضي الزراعية، ويتضح هذا الوضع في السياسة التي ينتهجها الكيان الإسرائيلي في الاستحواذ على مياه المنطقة، بالإضافة إلى الأزمات الكبرى الأخرى حول تقاسم المياه، فهناك:

  • مشكل تقاسم مياه حوض النيل بين مصر والسودان وأثيوبيا.
  • مشكل توزيع مياه نهري دجلة والفرات بين العراق وسوريا وتركيا.
  • مشكل توزيع مياه نهر الأردن بين سوريا والأردن ولبنان والكيان الصهيوني.

هذا الوضع يطرح فكرة إعادة رسم الحدود مستقبلا بين دول المنطقة على الموارد المائية.

مظاهر التصحر بالعالم العربي وأبعادها الخطيرة

مظاهر وعوامل ظاهرة التصحر عالميا

التصحر هو تدهور الأراضي الزراعية، حيث تفقد خصوبتها وقدرتها على الإنتاج بيولوجيا واقتصاديا، بسبب القحولة والجفاف، وهي ظاهرة تهم المناطق الجافة وشبه الجافة والمناطق المدارية شبه الرطبة، ومن بين مظاهر التصحر وأخطاره، هناك:

  • نضوب المياه من خلال جفاف العيون والأنهار والآبار.
  • الترمل والإقحال وتدهور الغطاء النباتي.
  • تراجع خصوبة التربة بسبب فقدانها للعناصر المعدنية والعضوية.
  • تملح التربة، أي تزايد نسبة الملوحة بها.

ومن أسباب تزايد حدة هذه الظاهرة نجد:

  • أسباب طبيعية: تتلخص في التغيرات المناخية وتنامي ظاهرة الإقحال المناخي ومختلف عوامل التعرية.
  • أسباب بشرية: يمكن تلخيصها في مجمل الأنشطة البشرية التي تتسم بالاستغلال المفرط للأرض.

وتتضح خطورة التصحر وانعكاساته السلبية على الإنسان في:

  • تراجع مساحة الأراضي الصالحة للزراعة وحصة الفرد من المياه.
  • عدم قدرة التربة على التجدد والإخصاب والعطاء.

مظاهر التصحر بالعالم العربي

من مظاهر التصحر في العالم العربي نجد:

  • 35.7 مليون هكتار من الأراضي الزراعية بالعالم العربي واقعة تحت تأثير التصحر، وهو ما يعادل %18 من مجموع المساحة الصالحة للزراعة، وتتضح هذه الظاهرة خاصة بالمناطق الموجودة على أطراف الصحراء الإفريقية الكبرى.
  • %68.4 من الأراضي العربية متصحرة، و%20 مهددة بالتصحر بينما لا تتعدى الأراضي غير المتصحرة %11.6 من مجموع مساحة المنطقة العربية.
  • هناك دول بكاملها تعتبر أراضي متصحرة، مثل البحرين والكويت والإمارات وقطر، بينما هناك 10 دول تتراوح فيها نسبة الأراضي المتصحرة ما بين %60 و%98 مثل مصر وجيبوتي والسعودية والجزائر والأردن واليمن والمغرب، كما أن هناك دول مثل الصومال وسوريا والعراق أكثر من %50 من أراضيها مهددة بالتصحر.

التدابير والجهود المبذولة لمواجهة ظاهرة التصحر بالعالم العربي

لمكافحة التصحر بالعالم العربي تم اتخاذ مجموعة من التدابير، فعلى:

  • المستوى التقني: بدأت العناية بالتشجير (مشروع إنشاء الحزام الأخضر)، وتثبيت الرمال المتحركة، وحماية التربة من التعرية، وبناء المصدات الترابية والنباتية والجدارية، إضافة إلى الزراعة حسب منحنيات التسوية، والعمل بنظام الدورة الزراعية.
  • المستوى الاقتصادي: تمت صيانة الإنتاج في المراعي والزراعة البورية والمسقية، ووضع خطط وطنية لمحاربة التصحر في إطار مشروع التنمية البشرية.
  • المستوى الاجتماعي: التركيز على محاربة الفقر وتحسين المستوى المعيشي للسكان بالمناطق الجافة، ومكافحة الأمية والجهل ونشر الوعي بخطورة التصحر.
  • المستوى الدولي والإقليمي: مصادقة الدول العربية على الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر، وإنشاء المركز العربي لدراسة المناطق الجافة والأراضي القاحلة.

خاتمة

إذا كانت المنطقة العربية تعاني من خصاص في الموارد المائية وتواجه ظاهرة من أخطر الظواهر الطبيعية، فإنها في المقابل تتوفر على ثروات طبيعية مهمة مثل البترول، غير أنها تتوزع بشكل غير منتظم بين دول المنطقة، كما أنها لا تستغل بشكل جيد لتنمية المنطقة اقتصاديا واجتماعيا.