سورة يس: الجزء الرابع (من الآية 44 إلى الآية 53)
وضعية الانطلاق
بعد بيان الآيات الدالة يقينا وقطعا على وجود الله وتوحيده وقدرته التامة، أخبر الله تعالى أن الكفار مع هذا الدليل القاطع يعرضون عن آيات ربهم، ولا يعترفون بها، وشأن العاقل الاقتناع بها، ولكن هؤلاء لا يتقون الله، ولا يحذرون بأن يصيبهم مثل هلاك الأمم الغابرة، ولا يفكرون في آيات الله، وليس في قلوبهم رحمة أو شفقة على عباد الله، فهم في غاية الجهل ونهاية الغفلة، وليسوا مثل العلماء الذين يتبعون البرهان، ولا مثل العامة الذين يبنون الأمر على الأحوط.
بين يدي الآيات
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. [سورة س، من الآية: 44 إلى الآية: 53] |
نشاط الفهم وشرح المفردات
قاموس المفاهيم الأساسية
- وما خلفكم: المعاصي الماضية.
- معرضين: من الإعراض وهو الامتناع.
- متى هذا الوعد: استبعاد الكفار لقيام الساعة.
- يخصمون: يخْتصِمون في أمورهم غافلين.
- صيحة: نفخة الفزع، ينفخ إسرافيل في الصور.
- الأجداث: جمع جدث وهو القبر.
- يَنْسِلُون: يُسرعون في الخروج.
- صيحة واحدة: نفخة البعث.
- محضرون: مجموعون ومحشورون للحساب والجزاء.
المعنى الإجمالي للشطر القرآني
لما ذكَّرهم تعالى بدلائل قدرته، وآثار رحمته، أخبر هنا عن تَعَاميهم عن الحق، وإعراضهم عن الهدى والإيمان، مع كثرة الآيات الواضحة والشواهد الباهرة، أعقب هذا بذكر إنكارهم ليوم البعث، واستعجالهم له، استهزاء به وسخرية منه، ثم أتبعه ببيان أنه حق لا شك فيه، وأنه سيأتيهم بغتة من حيث لا يشعرون، وإذ ذاك يخرجون من قبورهم مسرعين إلى الداعي، ثم ينادَوْن بالويل والثبور، وعظائم الأمور، حين يرون العذاب ويقولون: من أخرجنا من قبورنا؟ فيُجَابُون بأن ربكم هو الذي قدّر هذا ووعدكم به على ألسنة رسله وسيوفى كل عامل جزاء عمله.
المعاني الجزئية للشطر القرآني
المقطع الأول: الآيات: 44 – 48:
- إعراض المشركين عن الآيات رغم وضوحا، وامتناعهم عن الإنفاق بحجة أن الله هو الرزاق فلو شاء لرزق لفقراء، واستعجالهم الحساب.
المقطع الثاني: الآيات: 49 – 53:
- تصديق المشركيتن لوعد الله بعد أن ياخذهم بغثة، وحسابهم بالعدل على أفعالهم.
الدروس والعبر المستفادة من الآيات
- الإنسان إذا أعرض عن دين الله واستكبر كان عرضة للعذاب في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما معا.
- الإقبال إلى الله وترك معصيته سبب في الرحمة.
- امتحان الله عز وجل الغني بالغنى والفقير بالفقر، فأمر الفقراء بالصبر والأغنياء بالإعطاء.
- كلنا مبعوثون بعد الموت وبعد النفخ في الصور، فالكل من القبر يخرج ليجد حسابه.
- العاقل من يعد عدته قبل أن يدركه الموت.
- ما دامت مغادرة الإنسان سريعة عليه ان يستعد لهذا اليوم.
- الويل لمن لا يأخذ أحداث يوم القيامة مأخذ الجد.
- كل عمل يعمله بن آدم محفوظ عند الله عز وجل
القيم المركزية في الشطر القرآني
الرحمىة – الإحسان – الصدق- العدل.