سورة يس: الجزء الثاني (من الآية 12 إلى الآية 28)

وضعية الانطلاق

بعدما أكدت السورة الكريمة في مطلعها على صدق نبوة محمد ﷺ، وبينت أن من يرفض رسالة الله تعالى يستحكم الهوى من نفسه، ومن استحكم منه أصبح محجوبا عن الحق، مبتعدا عن سعادة الدنيا والآخرة، أما من اتبع رسالة الله تعالى فهو المؤهل لنيل المغفرة والأجر والثواب من الله تعالى، وبعد أن بينت الآيات نتائج من يقبل رسالات الله تعالى ومن يرفضا، جاء هذا المقطع ليضرب لنا أمثلة واقعية على ذلك من قصص السابقين.

بين يدي الآيات

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ۝ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ ۝ قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ ۝ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ۝ وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ۝ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ۝ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ۝ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ۝ اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ۝ وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ۝ أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ ۝ إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ۝ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ۝ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ۝ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ۝ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ۝ إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾.

[سورة س، من الآية: 12 إلى الآية: 28]

دراسة النص

القاعدة التجويدية: قاعدة الإظهار

الإظهار: لغة: البيان والوضوح، واصطلاحا: هو إخراج الحرف المظهر من مخرجه من غير غنة، إذا جاء بعده حرف من حروف الإظهار الستة، وهي:  ء ـ  هـ ـ  ع ـ ح ـ غ ـ خ، وقد جمعت في أوائل هذه الكلمات: «أخي هاك علما حازه غير خاسر»، فإذا وقعت هذه الأحرف الستة بعد النون الساكنة أو التنوين وجب إظهارها، أمثلة: ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾، ﴿وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ﴾، ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ﴾.

نشاط الفهم وشرح المفردات

شرح المفردات والعبارات

  • فعززنا: عززه قواه وشد من أزره.
  • تطيرنا بكم: تشاءمنا، والتطير التشاؤم.
  • طائركم معكم: شؤمكم مصاحب لكم وهو كفركم بالله.
  • لنرجمنكم: لنقتلنكم رجما بالحجارة.
  • مسرفون: كثيروا العصيان.
  • أقصى: أبعد.
  • يسعى: يسرع في مشيه.
  • فطرني: أبدعني.
  • لا تغني عني: لا تنفعني ولا تدفع عنى البلاء إذا حل.
  • صيحة واحدة: صوتا مهلكا من السماء.
  • خامدون: ميتون لا حراك بهم كما تخمد النار.

المعنى الإجمالي للشطر القرآني

ضرب الله تعالى المثل لكفار قريش بقصة أصحاب القرية للاتعاظ والاعتبار، وذكر موقف الرجل المؤمن من أهل القرية.

المعاني الجزئية للشطر القرآني

المقطع الأول: الآية: 12:

  • أمره تعالى أن يذكّر قومه المصرين على الشرك بقصة أصحاب القرية المعاندين.

المقطع الثاني: الآيات: 117:

  • بيانه تعالى الغاية من بعثة أولئك الرسل وهي دعوة أهل القرية إلى التوحيد وترك عبادة الأوثان.

المقطع الثالث: الآيات: 18 – 19:

  • ادعاء أهل القرية التشاؤم من الرسل وتهديدهم بالرجم والعذاب الأليم إن لم ينتهوا عن دعوتهم.

المقطع الرابع: الآيات: 20 – 26:

  • ذكره تعالى لقصة الرجل الصالح الذي آمن بالله تعالى، ودعا قومه إلى الإيمان وترك البطش بالرسل، فقتلوه، فأدخله الله الجنة.

المقطع الخامس: الآيات: 27 – 28:

  • إهلاك الله لأصحاب القرية بالصيحة بعد تكذيبهم رسل الله وقتل الرجل المؤمن.

الدروس والعبر  المستفادة من الآيات

  • وجوب الصبر على الأذى في سبيل إبلاغ دعوة الحق.
  • متبع الهوى المعاند يقابل الحجج والدلائل بالعنف.
  • الفطرة السليمة هي التي تستجيب للحق وتؤمن به.
  • وجوب إدامة التفكر في خلق الله تعالى.
  • للإيمان قوة تحرك أصحابه للحق مهما كانت قوة الظالمين.
  • المؤمن يبشر عند الموت لاسيما الشهيد، فإنه يرى الجنة رأي العين.
  • مصير الكافرين المعاندين إلى الزوال ولو بعد حين.
  • ضرورة استعمال الحجج والأدلة في الخطاب الدعوى من أجل تحقيق الإقناع.