النظر والتفكر سبيل العلم والإيمان - الدرس

نصوص الانطلاق

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) ﴾

سورة يس

قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ ءاياتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَم يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53)﴾

سورة فصلت

معاني الكلمات والعبارات

  • { لمستقر لها }: أي مكان لها لا تتجاوزه.
  • { اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَار}:َ نخرجه منه كما يسلخ جلد الشاة عن لحمها. والسلخ: الكشط و النزع.
  • { الْعُرْجُونِ الْقَدِيم }: العرجون هو عذق النخلة الذي يحمل الشماريخ التي تحمل البلح، ووجه الشبه بينه وبين القمر هو التقوُّس الذي يكون عليه هذا الأخير في مرحلة الهلال، ويكون عليه عذق النخلة بعد أن يُصبح قديماً.
  • { يتفكرون }: يتأملون، ويعملون خواطرهم في الأشياء.

مضامين النصوص

  • النص الأول: سبق القرآن الكريم بذكر أمور الفلك قبل أن تعرف الإنسانية الأجهزة والآلات المعقدة الحديثة بقرون طويلة دليل على أنه وحي من الله تعالى.
  • النص الثاني: تحذير النبي صلى الله عليه وسلم قارئ هذه الآيات دون التفكر فيها، فيحرم بذلك أجر هذه العبادة ويزداد بعدا عن الله تعالى.
  • النص الثالث: ما من اكتشاف ظهر، إلا والقرآن الكريم أدخله في هذه الآية الكريمة.

النظر والتفكر: المفهوم والمجالات والمقاصد

مفهوم النظر والتفكر

مفهوم النظر

النظر لغة: نظر ينظر نظرا والنظر تأمل الشيء بالعين. واصطلاحا : يفيد في سياقه العام التنبيه إلى ضرورة إعمال العقل وعدم تعطيله وحثه على التأمل في الكون والاهتداء إلى البراهين والأدلة والبحث والاستقصاء عن الآيات والحجج الدالة على خالق الوجود، وبارئ النعم، ومدبر النظام في هذا الوجود.

مفهوم التفكر

التفكر لغة: التأمل وإعمال الخاطر في الشيء”. واصطلاحا: عبادة توظف فيها أدوات المعرفة من حواس وعقل وقلب، قصد تقوية الارتباط بالله تعالى، بالانتقال من معرفة المخلوق الى معرفة الخالق جل وعلا.

مجالات النظر والتفكر ومقاصده

مجال الافاق

لقد وجهتنا الايات المتعددة في كتاب الله عزوجل، والأحاديث النبوية الشريفة إلى إجالة الفكر وإطالته في هذا الكون الفسيح، باعتباره من الكتاب المنظور الدال على عظمة الخالق وقدرته قال تعالى : “إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات الارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار.” ال عمران 190-191

وصدق الله العظيم القائل: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ فصلت: 53

مجال الأنفس

إن توجيه النظر والتفكر إلى النفس من أعظم صور هذه العبادة، وقد أمر الله عز وجل بضرورة التفكر في النفس والحث على ذلك، فخلق الإنسان آية من آيات الله العظيمة، خاصة إذا علِمنا أن كل طور من أطوار الخلق البشري يعدُّ آية في ذاته،
فأول ما يجب على الإنسان أن يتفكر فيه هي نفسه التي بين جنبيه: كيف خلقه الله؟ ولم خلقه؟ وما مصيره؟ وما مظاهر الإعجاز في خلقه؟
قال تعالى :”أولم يتفكروا في أنفسهم “الروم 7

مقاصده
  • ترسيخ الايمان في قلب المؤمنين.
  • توطيد العلاقة بالخالق عز وجل.
  • النظر والتفكر يورث العلم ،والعلم يصل بالانسان إلى معرفة الله، وكلما ازدادت معرفته بالله، ازداد انضباطا لشرعه واشتدت استقامته.
  • تحقيق خشية الله عزوجل مصداقا لقوله تعالى :”إنما يخشى الله من عباده العلماء” فاطر 28
  • ترسيخ محبة الله تعالى في النفس.
  • تحقيق شكر الله تعالى على نعمه التي لا تعد ولا تحصى.

أهمية النظر والتفكر في تطويرالعلم وترسيخ الإيمان وتقويته

للتفكر والنظر في الكون بالغ الأثر على الفرد من حيث الرقي به في مدارج ورحاب المقامات الإيمانية التي ترفع المتصف بها من مستوى عموم الناس إلى مصاف العارفين المتذوقين حلاوة الحب عن علم ، ذلك أن فعل التفكر يورث العلم، والعلم يسمو بصاحبه ليصل به درجات متقدمة من الإيمان، بحيث كلما ازداد علمه ازداد إيمانه، وهو المعبر عنه بقوله تعالى :”إنما يخشى الله من عباده العلماء”فاطر 28

النظر والتفكر في الكون عبادة

كثير من المسلمين يعتقدون أن العبادات مرتبطة بالجوارح لا تتعداها، معرضين عن باب كبير من أبواب التقرب إلى الله.والقليل منهم يدرك أن ثمة عبادة عقلية لا تقل أهمية عن سابقتها، بل قد تفوقها درجة اعتبارا لما ينبني عليها، ثم إذا فهموا ذلك فقليل منهم من يعمل بها فيدقق النظر في ايات الله المسطورة في كتابه والمنثورة في كونه وخلقه ،ويكفي هذه العبادة شرفا أنها تجمع بين وعي العقل وحظور القلب. قال وهب بن منبه “ما طالت فكرة امرئ قط إلا فهم، وما فهم إلا علم،وما علم إلا عمل “إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي، ج 4، ص 234