اللغة العربية - الثانية باك آداب وعلوم إنسانية

المؤلفات 1-5 : ظاهرة الشعر الحديث لأحمد المعداوي المجاطي
الفصل الرابع - الشكل الجديد

 

 

الأستاذ: حسن شدادي

 

الفهرس

 

I- المضمون الفكري للفصل الرابع

1-1/ تقديم

2-1/ تطور اللغة في الشعر الحديث

3-1/ التعبير بالصورة في الشعر الحديث

4-1/ تطور الأسس الموسيقية للشعر الحديث

5-1/ نظام القافية في الشعر الحديث

II- المسار النقدي المعتمد في الفصل الرابع

 


I- المضمون الفكري للفصل الرابع

 

1-1/ تقديم

رأى المجاطي أن تحولات أصابت عناصر الشكل الشعري في القصيدة العربية الحديثة، أجملها في العناصر الآتية:

  • تطور اللغة في الشعر الحديث
  • التعبير بالصورة في الشعر الحديث
  • تطور الأسس الموسيقية للشعر الحديث
  • نظام القافية في الشعر الحديث

 

 

2-1/ تطور اللغة في الشعر الحديث

يرى أحمد المجاطي أن لغة الشعر الحديث تتصف بكثير من الخصائص التي لايمكن أن تظهر من دراسة ديوان واحد، بل تحتاج لكثير من التأمل والبحث في لغة الشعر الحديث، وهي الخصائص التي يسميها الناقد ب (المميزات الثورية للغة الشعر الجديد)، ومنها :

النفس التقليدي في لغة الشعر الحديث

لغة جزلة وعبارة فخمة وسبك متين، على غرار الشعر القديم، وتبدو هذه الخاصية عند السياب في دواوينه القديمة والمتأخرة، خاصة قصيدته "مدينة بلا مطر" وقصيدة" منزل الأقنان".

البعد عن لغة الحديث اليومية

كما عند أدونيس والبياتي، ومحمد عفيفي مطر، وصلاح عبد الصبور... إذ تبتعد لغة الشعر عندهم عن لغة الحديث الحية بعدا يمنح مفرداتها قيما ودلالات مغايرة مما تحمله في الاستعمال الشائع.

السياق الدرامي للغة الشعر الحديث

كما نجد عند محمد مفتاح الفيتوري في قصيدته "معزوفة لدرويش متجول" إذ يشغل لغة درامية متوترة نابعة من صوت داخلي منبثق من أعماق الذات، ومتجها إليها.

 

 

3-1/ التعبير بالصورة في الشعر الحديث

‏لقد تجاوز الشاعر الحديث الصور البيانية المرتبطة بالذاكرة التراثية عند الشعراء الإحيائيين، والصور المرتبطة بالتجارب الذاتية عند الرومانسيين، إلى صور تقوم على توسيع مدلول الكلمات من خلال تحريك الخيال والتخييل، وتشغيل الانزياح والرموز والأساطير، وتوظيف الصورة/ الرؤيا، وتجاوز اللغة التقريرية المباشرة إلى لغة الإيحاء.

‏ولعل تجاوز الشاعر للصورة البيانية قد ساهم ف إبعاد تجاربه الشعرية عن ذوق عامة الناس، مما منحهم نوعا من التبرير لوصف الشعر الحديث بالغموض.

 

 

4-1/ تطور الأسس الموسيقية للشعر الحديث

إن الشاعر الحديث وهو يسعى إلى بناء نظام موسيقي جديد، لم يكن يهدف إلى هدم الأصول الموسيقية الموروثة، بل كان غرضه أن يتحرر من بعض القيود بالقدر الذي يمنح له من الحرية ما يسعفه في التعبير عن عواطفه وأحاسيسه وفكره... ولا شك في أن ذلك القدر من الحرية الذي تمتع به قد أتاح له أن يطوع تلك القوانين وأن يطورها، وأن يضيف إلى الخصائص الجمالية للبحور التقليدية خصائص جمالية أخرى تستمد أصولها من التطور الذي أصاب المضامين الشعرية نفسها.

‏لقد وجد الشاعر القديم نفسه متقبلا خاضعا لقيود صرامة البيت وسياقه الهندسي، مما عطل تطور نظام موسيقى الشعر حتى أواخر العقد الخامس من القرن العشرين، حيث تحققت تطورات في الإطار الموسيقي للقصيدة العربية منها:

  • تجاوز نظام الشطرين لصالح السطر الشعري.
  • السطر الشعري قد يطول وقد يقصر بحسب ما يتضمن من نسق شعوري أوفكري.
  • طول ذلك السطر قد يتراوح ما بين تفعيلة واحدة وتسع تفعيلات، ‎٠‏
  • إذا كان عدد التفعيلات في أية قصيدة تراثية محددا ومحصوراً تتوزعه الأعجاز والصدور، فإن التفعيلات في القصيدة الحديثة تمثل عددا لا يحيط به الحصر.
  • ينظم الشاعر الحديث قصائده على ستة بحور هي المعروفة بالصافية وهي: الهزج (مفاعيلن)، والرمل (فاعلاتن)، والمتقارب (فعولن)، والمتدارك (فاعلن)، والرجز (مستفعلن)، والكامل (متفاعلن).
  • أصبح بمقدور الشاعر أن يستخرج من البحر الواحد أكثر من بنا موسيقي واحد.
  • امتاز نظام التفعيلة بالمرونة والطواعية.
  • المزج ببن البحور داخل قصيدة واحدة في محاولة لتفتيت وحدة البيت فيها، كما عند السياب في قصائده من ديوان " شناشيل ابنة الجلبي"، وأدونيس في قصيدة "مرآة خالدة" من ديوان " المسرح والمرايا".

يرى أحمد المجاطي أن البحور المختلطة رغم ما تتوفر عليه من طاقات موسيقية كبيرة، فهي لم تستغل لأسباب منها:

مسألة الزحاف

تولد إحساس بالرتابة والملل ناتج عن اعتماد التفعيلة بوصفها وحدة إيقاعية ثابتة، ولتكسير حد القافية ومنحها مزيدا من التنوع والتلوين، لجأ الشاعر الحديث إلى الإكثار من استعمال الزحاف، فكان أن حصل الشاعر على أكثر من إيقاع من دون أن يلجأ إلى البحور المختلطة.

تنويع الأضرب

بهدف التنويع في الإيقاع والتلوين في النغم، عمد الشاعر الحديث إلى :

  • توظيف تفعيلات تعود إلى أصل واحد، كما في أبيات عبد الصبور (مستفعلن).
  • تنويع الأضرب دون الاكتراث بقيود القافية.
  • إدماج بعض البحور المتشابهة في بحر واحد، مثل: الرجز والسريع.
فاعل في حشو الخبب

تظل مسألة تنويع الأضرب والقافية تلوينات مقبولة وملتزمة بقوانين علم العروض، إلا أن الخروج عن هذه القوانين يتمثل في استعمال (فاعل) بدل (فاعلن) في حشو بعض أبيات الشعر الحديث، وهو خروج أصبح متفشيا في كثير من قصائد الشعر المعاصر الجديد، ومستساغا من قبل " الرأي العام" على حد تعبير كل من محمد النويهي وعز الدين إسماعيل.

مسألة التدوير

إن حركة المشاعر والأفكار والأخيلة قد تأخذ شكل دفقة تتجاوز في اندفاعها  حدود الشطر أو البيت الشعريين، مما نتج عنه نتيجتين:

  • الأولى : تبرز في التعبير عن الدفقة دون الوقوع في التدوير، وبالتالي اللجوء إلى استعمال تفعيلة خماسية أوتساعية كما ورد عند نازك الملائكة وخليل حاوي.
  • الثانية : وتظهر في اتساع الدفقة الشعورية، وبالتالي الوقوع في التدوير الذي يتخلص من صرامة البيت ذي الشطرين ومن انتظامه في نسق هندسي رتيب.

 

 

5-1/ نظام القافية في الشعر الحديث

يمكن تلخيص التغييرات التي مست القافية باعتبارها جزء ا من البناء العام للقصيدة في ما يلي :

  • الالتزام بالقافية باعتبارها نظاما إيقاعيا دون الالتزام بحرف روي واحد.
  • الربط بين إيقاع البيت وإيقاع القافية.
  • التخلي عن القافية باعتبارها المرمى الأفقي النهائي للجمل المختلفة، وجعلها محطة وقوف اختيارية تستجمع فيها الدفقة الشعورية أنفاسها.
  • جعل القافية لبنة حية في البناء الموسيقي العام للقصيدة.
  • إخضاع البناء الموسيقي لحركة المشاعر والأفكار.
  • الابتعاد عن النزعة الهندسية الحادة التي عرفت بها القوالب الموسيقية التقليدية.

ويرى الكاتب في آخر الكتاب أن الحداثة من العوامل التي كانت وراء وصف الشعر العربي الحديث بالغموض، إلى جانب ما تتطلبه القصيدة الحديثة من إعمال للجهد واستلزام لذوق قرائي جديد.

 

II- المسار النقدي المعتمد في الفصل الرابع

 

الناقد ركز في دراسته على الجانب الفني المشكل للقصيدة الحديثة انطلاقا من عناصرها الثلاث: اللغة والصورة والموسيقى، وقد تتبع مظاهر التحول عبر الزمن ومن خلال تجربة بعض الشعراء.

وحتى يبعد تهمة الفصل بين الشكل والمضمون في دراسته للشعر الحديث أكد منذ البداية على أن الشكل والمضمون يمثلان نسقا واحدا لا يمكن الفصل بينهما في فهم المعنى وإنما دراسة الجزء لفهم الكل وظل يؤكد على ذلك في دراسته للغة والصورة والإيقاع، إذ لا يمكن استيعاب مدلولها إلا من خلال المضمون العام للقصيدة.

والناقد هنا وظف المنهج التاريخي الذي يستعرض مسار تطور الشعر الحديث من خلال مستوياته الفنية، والمنهج البنيوي الذي يؤكد التطور انطلاقا من أعمال شعرية وتجارب الشعراء.

إلا أن حدة الاستشهاد تضاءلت بشكل ملحوظ أمام هيمنة السرد النظري الذي يستحضر القواعد المشكلة للبناء الفني في الشعر الحديث، وقد برر ذلك ضمنيا عندما قال أن “وحدة التجربة تفرض وحدة الوسائل”.

ويبقى الأسلوب التقريري مناسبا لهذا النقد النظري حيث يطغى أسلوب التعريف والوصف والسرد و قلت فيه الأعمال التطبيقية.