اللغة العربية - الثانية باك آداب وعلوم إنسانية

تكسير البنية - نص نظري 2-1
قضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة (عز الدين إسماعيل)

 

 

الأستاذ: حسن شدادي

 

الفهرس

 

I- النص

II- تمهيد

III- دلالة العنوان

IV- فرضية النص

V- إشكالية النص

VI- قضية النص

VII- تحليل النص

1-7/ الإشكالية المطروحة

2-7/ مفاهيم ومصطلحات النص

3-7/ قضايا النص

4-7/ الإطار المرجعي للنص

5-7/ طرائق العرض

IIX-  تركيب وتقويم

 


I- النص

 

قضايا الإطار الموسيقي الجديد للقصيدة

 

II- تمهيد

 

مثل اتجاه سؤال الذات، في الشعر العربي الحديث، تجاوزا لاتجاه إحياء النموذج، بالنظر إلى موضوع القصيدة وبنائها ومعجمها ووظيفة الصورة الشعرية...إلا أن هذا الاتجاه (سؤال الذات) ظل مذبذبا بين القديم والجديد، على مستوى الوزن والقافية والمعمار العام للقصيدة. ورغم تمثيل سؤال الذات لمرحلة التحول في الشعر العربي الحديث، فقد أفسح المجال أمام ظهور اتجاه آخر أعطى أهمية كبرى للجماعة وهمومها وقضاياها، وأحدث قطيعة مع الشكل القديم للقصيدة العربية القديمة، حيث كسر بنيتها التقليدية وتجاوزها.

وقد تعددت عوامل ظهور اتجاه تكسير البنية وتنوعت، ويمكن حصرها فيما عرفه الوطن العربي في الأربعينيات من القرن العشرين من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. علاوة على ذلك واقع الهزيمة (1948)، وتأثيرها على الإنسان العربي. إضافة إلى ظهور مضامين جديدة لم تستطع القصيدة القديمة بنظامها وشكلها احتواءها، حيث أصبح الشاعر يسعى إلى التعبير عن همومه وقضايا أمته. ثم انفتاح الشاعر الحديث على الآداب والفكر العالميين، واطلاعه على تجارب عالمية وإنسانية. إلى جانب رفض الخطابين الإحيائي والرومانسي والرغبة في تجاوزهما. ومن أهم رواد هذه الحركة نازك الملائكة وبدر شاكر السياب الرائدين الأساسيين لهذا الشعر بامتياز، فإشكالية الزعامة ترتبط بهما، ذلك أن نازك تعتبر أن قصيدتها "الكوليرا" هي أول قصيدة حرة، فيما يعتبر السياب نفسه أول من أصدر ديوانا شعريا يضم قصائد حرة مثل قصيدة "هل كان حبا"، ومهما يكن فهما يمثلان الريادة. ومن الشعراء الآخرين نذكر أمل دنقل وأحمد عبد المعطي حجازي وفدوى طوقان ونزار قباني وأحمد المجاطي وعبد الكريم الطبال وغيرهم. ومن بين النقاد الذين اهتموا بهذه الدراسات نازك الملائكة وعز الدين إسماعيل، ومحمد النويهي، وبنيس، وكمال خير بك، وعلي جعفر العلاق.

 

III- دلالة العنوان

 

يتألف العنوان من خمس وحدات معجمية تمثل جملة اسمية محذوفة الخبر، ومن الناحية الدلالية يفيد أن النص سيتحدث عن قضايا تخص الإطار أو الهيكل الموسيقي للقصيدة الحديثة والمعاصرة.

 

IV- فرضية النص

 

يشير الناقد في بداية النص إلى أن من يتتبع أشكال التجديد والتطور في موسيقى الشعر الحديث سينتهي إلى ثلاث محطات أساسية. وفي نهاية النص تطرقت للحديث عن دور الدفقة الشعورية في تطوير بعض هذه الأشكال. وانطلاقا من ذلك ومن دراستنا للعنوان وبعض العناوين الصغرى وسط النص مثل " جماليات موسيقى البيت، جماليات موسيقى السطر الشعري، موسيقية الجملة الشعرية" نفترض أن النص مقالة أدبية للكاتب والناقد عز الدين اسماعيل مأخوذة من كتابه الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية سيعرف فيها بمرحلة من مراحل تطور القصيدة العربية من خلال مكتسباتها الجمالية ومنطلقاتها النفسية.

 

V- إشكالية النص

 

  • ما القضية التي يعالجها النص؟
  • وما هي العناصر المشكلة لها؟
  • وما مظاهر تطور موسيقى القصيدة الحديثة؟
  • وما الجهاز المصطلحي والقضايا الفرعية المعتمدة، وما المرجعيات المؤطرة للنص؟
  • ثم ما طرائق العرض الموظفة؟
  • وإلى أي حد استطاع الناقد تقديم تصور نظري عن هذا الاتجاه؟

 

VI- قضية النص

 

يتمحور النص حول قضية أدبية أساس تتركز حول مراحل تطور البنية الإيقاعية الموسيقية (الإطار الموسيقي) من خلال المكتسبات الجمالية لهذه المراحل (البيت - السطر - الجملة) والمنطلقات الجمالية والنفسية (الدفقة الشعورية) لتلك العناصر.

 

VII- تحليل النص

 

1-7/ الإشكالية المطروحة

تدور إشكالية النص العامة على الصراع بين النظام الموسيقي القديم والتشكيل الشعري الجديد من خلال التمرد على النمط القديم شكلا ومضمونا ورفع هبة التقديس عليه وساهم في ذلك فقدان الجود العربي هيمنته بعد الهزيمة العربية 1948. ويبدو الكاتب مدافعا عنه من زاوية نفسية، على اعتبار أن الذي يتحكم في بنية القصيدة هو الحالة الشعورية للشاعر.

 

 

2-7/ مفاهيم ومصطلحات النص

وقد استعان الكاتب لإبراز مظاهر التجديد في القصيدة العربية الحديثة بمصطلحات ومفاهيم يتوزعها حقلان دلاليان اثنان:

ما يدل على العروض القديم ما يدل على العروض الجديد
البيت، الشطرين المتوازيين، قافية مطردة، العروض، الأوزان، النظام القديم، الإطار القديم ... السطر الشعري، التفعيلة، الجملة الشعرية، نظام داخلي الشعري، الجملة الشعرية، الدفقة الشعورية، الشعر المعاصر، القصيدة الجديدة، الشكل الجديد ...

إن العلاقة القائمة بين هذين الحقلين هي علاقة تضاد وصراع، كون العروض الجديد متجاوزا للعروض القديم، بحيث لم يستبق منه إلا الوحدة الأساس وهي التفعيلة.

ولتوكيد طرحه فيما ادعاه الناقد استدعى مجموعة من القضايا الفرعية التي دار حولها النقاش في الدراسات التي تناولت هذه الرحلة من عمر الشعر العربي، من أبرزها وأوضحها: الالتزام بالعروض في الشعر الحديث مقابل خرقة؛ فمهما ادعى شعراء الشعر الحديث تجاوز العروض القديم إلا أنهم لم يستطيعوا الفكاك منه، فهم ما زالوا مشدودين إلى العنصر الأساس فيه وهو التفعيلة، ثم التجديد مقابل التقليد؛ فإذا كان شعراء التفعيلة قد حاولوا الفكاك من تأثير التراث فإنهم في المقابل وقعوا في تقليد الشعر الغربي (إليوت)، وقضية التساوق بين الشكل والمضمون؛ ومفادها أن الشكل أصبح خاضعا للمضمون وللنسق الفكري والشعوري للذات الشاعرة، ولم تعد أي قاعدة خارجية متحكمة فيه.

 

 

3-7/ قضايا النص

تتفرع هذه القضية إلى القضايا الجزئية التالية:

قضية المشكلات الجمالية للبيت الشعري

البيت الشعري نظام قائم الذات وعنصر أساسي في بناء البيت الشعري. وينبني على قواعد فنية ضابطة: الشكل (البناء المعماري) والوزن والقافية. وهو مقترن بالتراث الشعري التقليدي ومن التراث القديم. وقد كسره الشعراء المعاصرون فسار من القيود المتجاوزة وأسسوا بدله نظاما جديدا (داخلي).

قضية المشكلات الجمالية للسطر الشعري

السطر الشعري تركيبة موسيقية متغيرة للكلام الشعري، ينبني وزنيا على نظام التفعيلة. وهو غير مفروض على الشاعر لأنه هو من يبنيه وفق معطياته النفسية. وهو نظام بديل للبيت الشعري (نظام تمرد وتجاوز للنظام التقليدي).

قضية المشكلات الجمالية للجملة الشعرية

الجملة الشعرية تطوير بنائي للنص الشعري الحديث والمعاصر. ولنظام السطر الشعري كميا ووزنيا. ويمكنها أن تتضمن بنائيا سطرين فما فوق ووزنيا تسع تفعيلات. وتتميز بكونها بنية عضوية في تشكيل القصيدة، وبنية موسيقية مكتفية بذاتها.

قضية المنطلقات النفسية في تشكيل السطر والجملة الشعريين

إن المنطلق المقصود هنا هو مفهوم الدفقة الشعورية باعتبارها متحكمة في الجملة الشعرية والسطر الشعري.

 

 

4-7/ الإطار المرجعي للنص

تتعدد الخلفيات المعرفية والفكرية والثقافية والاجتماعية التي تؤطر النص وتتنوع إلى عدة مرجعيات؛ بعضها ينفتح ليؤطر حركة الشعر الحر برمتها، ومن أهمها: المرجعية التاريخية، وتتجلى في النص بشكل لافت من خلال تتبع الكاتب للمسار التطوري للبنية الإيقاعية للشعر الحديث، وفي علاقتها بحركة الشعر الحر تتجلى في الأحداث التاريخية التي سحبت البساط من تحت الوجود العربي التقليدي، فضلا عن واقع ما بعد نكبة فلسطين. ثم المرجعية الثقافية، والمتجلية في تثاقف الشعر والشاعر العربيين مع الثقافات العالمية، ثم المرجعية النفسية التي اعتمدت أساسا في الانتقال من مستويات التشكيلات الموسيقية، ثم أخيرا المرجعية التراثية التي ما زال يرتكن إليها الشاعر الحديث بالتصرف في التراث والإبقاء على العناصر الحية فيه. وكل هذه المرجعيات اندمجت لتشكل حركة تجديدية خلصت الشعر العربي من القيود الذهبية التي كبلته لقرون.

 

 

5-7/ طرائق العرض

إن معالجة الكاتب للقضية المطروحة في النص، وتتبع تفرعاتها جعله يتبع مسارا استدلاليا استنباطيا، ويسعفنا قوله في النص:" وهذا ما نود أن نعرض له تفصيلا" في الانتهاء إلى ذلك، لأنه انتقل من العام (الشعر المعاصر ومشكلات إيقاعه الجمالية) إلى الخاص (تفصيل المشكلات الجمالية للإيقاع الشعري الحديث وعلاقتها بالدفقة الشعورية).

ولإقناع المتلقي بوجهة نظره اعتمد الناقد مجموعة من الأساليب الحجاجية النوعية، كأسلوب التصنيف القائم على التدرج (جمالية البيت- جمالية السطر- جمالية الجملة). والشرح والتفسير، سواء بالمباشرة (نعرض الآن له تفصيلا- نود أن نوضح- ومعنى هذا) أو غير مباشر. أسلوب التعريف كما هو الشأن في تعريف السطر الشعري- النظام- الجملة الشعرية. والمقارنة بين وزن الشعر القديم والمعاصر- بين السطر الشعري والجملة الشعرية. والوصف: وصف النظام الموسيقي القديم والجديد ... والتشابه أثناء عرض بعض جوانب التشابه بين البيت الشعري والسطر والجملة الشعريين، ثم الحوار الافتراضي مع القارئ: وهو ما تؤكده الكثير من العبارات والجمل الاعتراضية (من التجني.. في تصوري..)، فضلا عن أساليب لغوية كثيرة ذات وظيفة إقناعية حجاجية، كالتوكيد والنفي والاستدراك والاعتراض.

أما على مستوى لغة النص فإنها تتميز بالطابع التقريري الحجاجي، إذ تميزت بالوضوح والمباشرة والبساطة في التعبير، لأن قصد النص هو الإقناع عبر إيصال الأفكار واضحة ومفهومة إلى ذهن المتلقي، حتى يمكنه فهمها واستيعابها والاقتناع بها. لذلك وظفت الكاتبة ألفاظا للدلالة على معانيها الأصلية المألوفة، كما مال إلى تكرار بعض المصطلحات والمفردات في النص لتأكيد وترسيخ حمولتها الدلالية. واعتماده بلاغة الإقناع أفسح المجال لهيمنة الأسلوب الخبري.

 

IIX-  تركيب وتقويم

 

النص مقالة أدبية يتناول الناقد فيها أهم المراحل التي مر بها التطور الموسيقي للشعر، فقد كانت الموسيقى في البداية مقيدة بحدود البيت والقافية، بمعنى أن الدفقة الشعورية كانت تجزأ وتقسم على عدة أبيات، وقد حاول شعراء التفعيلة حل هذه المشكلة عبر تكسير البنية، فتمتعوا بنوع من الحرية ليتجاوزوا معضلة الدفقة القصيرة والسريعة، إلا أن السطر الشعري لم يستطع استيعاب الدفقة الممتدة، الشيء الذي حاولت الجملة الشعرية حله؛ فهي وإن حافظت على مقومات السطر الشعري، إلا أن بنيتها الموسيقية أكبر منه.

وحتى يعالج هذه القضايا اعتمد الأسلوب الاستنباطي، فأصدر في البداية حكما، أخذ يعلله فيما بعد معتمدا الشرح والتفسير والمقارنة ولإيراد الأدلة، ليخلص في الأخير إلى استنتاج. أما المرجعيات المتضمنة في النص فيمكن إجمالها في الإطار النفسي والتاريخي والثقافي الغربي.