الامتحان الجهوي في التاريخ والجغرافيا - فاس مكناس 2021

«... لقد أدى تقدم الثورة الصناعية إلى تطور النزعة الاستعمارية تطورا حادا، جعل من تصريف البضائع والحصول على المواد الأولية وتوظيف رؤوس الأموال قضية من القضايا الأوربية الملحة التي لم يجد رجال السياسة حلا لها إلا عن طريق امتلاك المستعمرات، فكان لابد من التصادم والنزاع بين القوى المستعمرة ذاتها، كذلك برز النزاع حول السيطرة على البحار خاصة بين بريطانيا التي تعتبر سيدة البحار وألمانيا الموحدة التي طورت أسطولها بسرعة فائقة ... أدى التنافس الشديد بين القوى الأوربية من أجل توسيع مجالها الاستعماري إلى عقد اتفاقيات سرية وإقامة تحالفات عسكرية، فكانت كل من إنجلترا وفرنسا تبعا للوفاق الودي عام 1904م قد تحالفتا، كما قام التحالف الثلاثي بين ألمانيا وامبراطورية النمسا المجر وإيطاليا...وقد أفضت هذه التحالفات إلى سباق نحو التسلح وتمديد فترة الخدمة العسكرية وزيادة عدد القوات المسلحة في كل من ألمانيا وفرنسا وروسيا ...»

«... لم يعد المخزن في صراعه مع الدول المتنافسة، يقوى على مراقبة تسرب العنصر الأوربي بسبب الامتيازات الممنوحة لهم... فتحت معاهدة 1856 باب المنافسة على مصراعيه، ذلك أن كلا من فرنسا وإسبانيا صارتا تبحثان عن امتيازات مماثلة لما حصلت عليه بريطانيا في المغرب، ولعل المجابهة مع إسبانيا في حرب تطوان 1860 تأتي في هذا السياق... لقد وضعت حرب تطوان حدا لهيبة المغرب، وأضيفت إلى هزيمة إيسلي العسكرية، الأمر الذي شجع إسبانيا على توقيع اتفاقية تجارية وفرض شروطها عام 1861، ومن بين ما تضمنته، التأكيد على نظام حماية الأشخاص (الحماية القنصلية) ومنح إسبانيا حق استيراد بضائع المغرب وصيد الأسماك على السواحل المغربية. كانت المعاهدة والاتفاقية الموقعتان آنفا مع المغرب حافزا لفرنسا على المطالبة بالمثل ... ووقعت معه تسوية (بيكلار) في 19 غشت 1863 ...»

«... أولى المولى الحسن الأول عناية خاصة للزيادة في أعداد الجند وإجراء التداريب والبحث عن التمويل بهدف التسليح والتكوين، كما أمر ببناء معملين للسلاح أحدهما في فاس والثاني بمراكش ...وحرص على إيفاد البعثات الطلابية إلى الخارج قصد تكوين كفاء ات مغربية...امتدت الإصلاحات إلى الكثير من الميادين مثل المجال الفلاحي عبر تجربة زراعة القطن والحرير وقصب السكر، والمجال المنجمي بالتنقيب عن المعادن وتصفيتها، بالإضافة إلى إنشاء بعض المعامل مثل معمل السكر بمراكش، والاهتمام بشق الطرق ومد الجسور وتنظيم البريد لتسهيل المواصلات.... كانت كل هذه الإصلاحات مطوقة بمختلف الصعوبات والعراقيل، لأسباب خارجية كالاعتماد على الوسائل والخبرات الأجنبية وكذلك دسائس الدول الأجنبية وعرقلتها لكل إصلاح، ولأسباب داخلية تكمن في انهيار البنية الديمغرافية بسبب الكوارث الطبيعية...زيادة على تحفظ العلماء ورفضهم للإصلاحات لأن أغلبها كان محل انتقادهم في سياق تصديهم لكل بدعة محدثة، لأنهم كانوا يعتبرون أنها لا تخدم سوى المصالح الأجنبية ...»