الفلسفة ثانية باك

مفهوم الحق والعدالة (المحور الثالث : العدالة بين المساواة والإنصاف)

 

 

الأستاذ: هشام العلوي

 

الفهرس

 

I- البناء الإشكالي للمحور

II- إشكالية المحور

III- المواقف والمقاربات الفلسفية

1-3/ باروخ سبينوزا

2-3/ ألان (إميل شارتييه)

3-3/ ماكس شيلر

4-3/ جون راولز

IV- خلاصة

 


I- البناء الإشكالي للمحور

 

 

II- إشكالية المحور

 

  • ما موقع العدالة بين المساواة والانصاف ؟
  • هل هى قائمة على المساواة بين الناس ام أنها إنصاف أم مساواة وإنصاف فى الآن نفسه ؟

 

III- المواقف والمقاربات الفلسفية

 

1-3/ باروخ سبينوزا

  • أطروحته : العدالة مساواة أمام القانون‎

‏انتقل الإنسان من حالة الطبيعة (قانون الغاب) إلى الحالة المدنية المحكومة‎ بقوانين عقلية داخل نظام ديمقراطي يكفل العدالة كضامنة للحق والمساواة.‎

الدولة عادلة دائما ولا تنتهك القانون لأنه يشكل أساس قوتها من خلال أجهزتها ومؤسساتها ( القضاء).

تهدف العدالة في النظام الديمقراطي إلى تجاوز مظاهر حالة الطبيعة كالأهواء والعنف لتجعلهم يحتكمون إلى العقل وبالتالي احترام القوانين الضامنة لحقوقهم في إطار المساواة بين الجميع.

يقول اسبينوزا : "من واجب القضاة المكلفين بوضع حد للخصومات ألا يفرقوا بين الأشخاص، بل أن ينظروا إليهم على قدم المساواة، ويحافظوا بقدر متساو على حق كل منهم"

في إطار مجتمع ديمقراطي قائم على قوانين عقلية عادلة تضمن الحقوق والحرية والمساواة لا يجوز لأي احد أن يثور على الدولة أو ينتهك قوانيتها وإلا سيتعرض للعقاب، وذلك حفاظا على النظام الديمقراطي الذي اعتبره اسبينوزا أفضل الأنظمة على الإطلاق.

 

 

2-3/ ألان (إميل شارتييه)

  • أطروحته : العدالة مساواة أمام القانون .

كل حديث عن الحق العدالة هو حديث عن المساواة عند ألان .

الناس سواسية أمام القانون العادل دون تمييز في العرق أو الدين أو الجنس أو العمر أو الانتماء الاجتماعي و الطبقي.

يجب تجسيد العدالة في الواقع أي ما هو كائن وليس مايجب أن يكون (الأخلاق).

مثال يشخص العدالة والمساواة في الواقع اليومي : يميز ألان في سعر السوق بين :

  • السعر المعلن في السوق ويخضع له الجميع دون تمييز .
  • سعر الفرصة وهو ضد تكافؤ الفرص، فيكون الطرف الأول واعيا أو راشدا ...في حين أن الثاني يكون مخمورا أو طفلا يفتقد الخبرة في الشراء، لذلك يجب عرض نفس السلع بنفس الثمن عند جميع الباعة تحقيقا للمساواة بين الجميع. إنها العدالة الضامنة للحق.

يقول الفيلسوف الفرنسي ألان : "ما الحق؟ إنه المساواة (...) لقد ابتكر الحق ضد اللامساواة، والقوانين العادلة هي التي يكون الناس أمامها سواسية، نساء كانوا أم رجالا أو أطفالا أو مرضى أو جهالا. أما أولئك الذين يقولون إن اللامساواة من طبيعة الأشياء، فهم يقولون قولا بئيسا"

إنها العدالة التي تعترف بالحق و تساوي بين الجميع أمام القانون، كل مواطن له الحق في الترشيح والتصويت والمناصب حسب القانون دون أي اعتبار آخر.

إذن العدالة مساواة في إطار مجتمع وقوانين مدنية.

 

 

3-3/ ماكس شيلر

  • أطروحته : العدالة إنصاف (لامساواة) والمساواة حقد.

انطلق من نقد قوي وعنيف للاتجاهات الفلسفية الأخلاقية القائلة بالمساواة في كل أشكالها المادية والأخلاقية والاجتماعية ...منذ عصر الأنوار مع روسو ولوك ومنتيسكيو واسبينوزا وكانط مرورا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والماركسية بالخصوص.

يقول شيلر : " ..لكن مذهب المساواة المطلقة الحديثة ...يصدر بالتأكيد عن الكراهية والحقد ...".

رفض صريح لجعل العدالة مساواة مطلقة، وتأكيد على العدالة المنصفة القائمة على التمييز والتفاوت يسميه بالتمايز الإيجابي الخلاق اقتصاديا وفكريا واجتماعيا بحكم اختلاف الناس في قدراتهم وإمكاناتهم ومهاراتهم.

عدم اعتبار هذه الفروق بين الناس يؤدي إلى عدالة (مساواة) جائرة.

تحمل المطالبة بالمساواة في باطنها، رغم وجود التمايز والتفاوت، مشاعر الكراهية والحسد والحقد على المتفوقين اقتصاديا واجتماعيا وفكريا من طرف الفئات الدنيا. إنها الفوضى وغياب القيم.

الفاشل والعاجز هو الذي يطالب بالمساواة ليلحق وينزل المتفوق إلى الحضيض، بهذا المعنى تكون المساواة جائرة والإنصاف عدالة حقيقية تعطي لكل فرد حقه حسب قدراته ومهاراته، وهذا ما يحقق تطورا شاملا في كل المجالات وفي صالح الجميع.

يقول شيلر في كتابه ( الإنسان الحاقد ) : "إن المساواة بصفتها فكرة عقلانية لم تستطع قط أن تحرك إرادة أو رغبة أو عاطفة، ولكن وراء هذه المساواة المنشودة يتستر الحقد على القيم الإنسانية".

 

 

4-3/ جون راولز

  • الأطروحة : يستلزم الإنصاف كقاعدة للعدالة المساواة واللامساوة معا.

يعتبر راولز من أهم المهتمين المعاصرين بمسألة العدالة الاجتماعية والأكثر تأثيرا لعمق أفكاره، جاءت أفكاره كرد فعل على الحرب الباردة ونتائج الحرب، كان إشعارا بعمق أزمة العدالة.

تأخذ العدالة كإنصاف منطلقها من الثقافة العمومية السائدة في المجتمع الديمقراطي الذي يعتبر أفراده مواطنين أحرار وأنداد وأكفاء، انه حديث عن عدالة واقعية وليست ميتافيزيقية.

إنه ربط العدالة بالسياسة في إطار مجتمع ديمقراطي ليبرالي، وهذا الربط هو ما يحقق المواطنة والكفاءة والوحدة والانسجام الاجتماعي ونشر الثقة بين الأفراد والمؤسسات (الثقة المعقولة المساعدة على التقارب بين المتنافسين). انه تصور سياسي للعدالة يراه راولز قابلا للتطبيق في كل المجتمعات.

يعلن استفادته من نظرية العقد الاجتماعي لفلاسفة الأنوار واستمرارا لها، لذلك افترض وجود الحالة الأصلية في مقابل حالة الطبيعة، ولكن ليس في تأسيس الدولة بل للعدالة الاجتماعية المنصفة، وكان الجميع يجهل كل شيء عن وضعه ومكانته ... لذلك سيتم اعتماد مبدأين أساسيين في تحقيق العدالة الاجتماعية الليبرالية الديمقراطية أي العدالة القائمة على قاعدة الإنصاف والتي تستلزم توافق كل المتعاقدين على :

مبدأ المساواة : أي الاستفادة بالتساوي من كل الحقوق الأساسية والواجبات في إطارمبدأ تكافؤ الفرص في إمكانية جمع الثروة أو الترقي لمناصب عليا، كما يتجلى ذلك أيضا في دولة الرعاية من خلال تقديم خدمات ومساعدات اجتماعية ودعم للفئة الدنيا والمهمشين ..
مبدأ اللامساواة : عدم عرقلة ذوي المواهب والكفاأت وامتيازاتهم أي امتلاك الثروة والسلطة.

يؤكد راولز على ضرورة التعاون الطوعي (التعاقدي) للفئة الدنيا مع الفنة العليا وعدم عرقلتها من أجل تحقيق ازدهار واستفادة الجميع، وبذلك يتحقق شرط استفادة الفئة الدنيا وما يترتب عنه من تعاون وتقارب وانسجام اجتماعي بفضل العدالة المنصفة، ويسميه راولز بالنظام المنصف للتعاون الاجتماعي.

إذن القول بان العدالة مساواة لا ينفي مراعاة خصوصية الحالات والوضعيات تحقيقا للإنصاف.

 

IV- خلاصة

 

الحق مفهوم ملازم للإنسان في كل أبعاده، من هنا تعدد معانيه ومجالاته كالوجود والمعرفة والقانون....

الحق كمطلب ملازم للعدالة باعتبارها شرط تحققه في الواقع وفي نفس الوقت يصحح أخطاء قوانينها، وبذلك تكون العدالة محققة للحق ومصححة للخروقات التي تمس بالحقوق في إطار دولة ديمقراطية قائمة على الحق والقانون واحترام المواطن وعقلنة السلطة وفصل السلط.