الفلسفة ثانية باك

مفهوم الواجب (المحور الثالث : الواجب والمجتمع)

 

 

الأستاذ: هشام العلوي

 

الفهرس

 

I- الطرح الإشكالي للمحور

II- المواقف والمقاربات الفلسفية

1-2/ إميل دوركايم

2-2/ هنري برغسون

3-2/ جون راولز

III- خلاصة تركيبية

 


I- الطرح الإشكالي للمحور

 

الواجب ليس مسألة فردية ذاتية، ولا هو شأن خاص أو خصوصي، بل هو أيضا كوني إنساني.

الهدف من هذا المحور هو إبراز حدود الواجب، وعلى النحو التالي نتساءل :

  • أية‏ علاقة الواجب بالمجتمع ؟
  • وما حدود الواجب ؟
  • هل ينطوي الواجب على أبعاد ‏ خصوصية محلية اجتماعية ونسبية، أم على خواص كونية انسانية شمولية ومطلقة ؟
  • هل الانسان ملتزم بواجبات تجاه مجتمعه فقط، أم بواجبات تجاه الإنسانية جمعاء ؟

 

II- المواقف والمقاربات الفلسفية

 

1-2/ إميل دوركهايم

يقول دوركهايم: «فضميرنا الأخلاقي لم ينيع إلا عن المجتمع ولا يعبر إلا عنه. وإذا تكلم ضميرنا فإنما يردد صوت المجتمع فينا، ولاشك في أن اللهجة التي يتكلم بها خير دليل على السلطة الهائلة التي يتمتع بها».

الواجب جمعي اجتماعي محلي تحدده سلطة الضمير الجمعي

 

 

استنتاج

يعتبر الواجب الأخلاقي في نظر دوركهايم تجسيدا لسلطة المجتمع، إنه مصدرجميع القيم الأخلاقية وعلى رأسها الواجب، إذ يعمل المجتمع على ترسيخها في الأفراد عن طريق التربية والتنشئة الاجتماعية التي تعمل على تشكيل ما يسمى بالضمير الجمعي كمحدد لكل قيم المجتمع وفضائله.

فالفرد غالبا ما يخضع لسلطة عليا قاهرة له وخارجة عن إرادته، إنه المجتمع كمصدر للواجبات الأخلاقية.

فالواجب الأخلاقي إذن جمعي اجتماعي لأنه يفرض نفسه بشكل عام على جميع أفراد المجتمع، فهو سلطة إكراهية متعالية عن الضمائر الفردية وهي سلطة الضمير الجمعي كسلطة تختلف باختلاف الزمان والمكان وسائر الظروف المتغيرة، مما يعني أن الواجب حسب دوركهايم ينطوي على أبعاد خصوصية محلية اجتماعية نسبية ترتبط بكل مجتمع على حدى، ويقول في هذا الصدد: «الضمير الأخلاقي لم ينتج إلا عن المجتمع ولا يعبر إلا عنه».

 

 

2-2/ هنري برغسون

الواجب كوني إنساني قائم على الأخلاق الكونية

 

 

استنتاج

في مقابل التصور الدوركهايمي المتحدث باسم اجتماعية الواجبات، وفي إطار كونية الواجبات يدعو فيلسوف الطاقة الروحية هنري بيرغسون إلى ضرورة تجاوز الأخلاق المنغلقة التي يكرسها المجتمع، وطالب بتوسيع مفهوم الواجب بالانفتاح على ما سماه بالواجب الأخلاقي الكوني الذي ينفتح على الكلي والشمولي نحو أفق يتمثل في الإيمان بالإنسان كمواطن في العالم (المواطنة لعالمية)، حتى نضع بذلك أرضية خصبة للتعايش والسلام العالمي واحترام حياة وحقوق الآخرين، وبالتالي تجنب كل الصراعات والأزمات التي يعرفها العالم اليوم تحت مسميات صراع الحضارات واصطدام الثقافات.

 

 

3-2/ جون راولز

الواجب الأخلاقي كوني إنساني مرتبط بالأجيال القادمة إلى الأرض

 

 

استنتاج

يذهب المفكر الأمريكي جون راولز في حديثه عن الواجبات الكونية إلى أن الواجب الأخلاقي ليس رهين مجتمع بعينه، وإنما هو منفتح على ما هو كوني إنساني.

فواجبات الإنسان على الإنسان كثيرة وعلى رأسها واجب التضامن مع الأجيال القادمة كجوهر للعدالة المنصفة، حتى يصبح الواجب بذلك نمط من التضامن يؤسسه الجيل السابق للجيل اللاحق بأن يوفر له كل إمكانيات العيش المريح.

وفي هذا الصدد يقول راولز : «على كل جيل أن يتلقى ما يستحق من سابقيه، كما أن عليه أن يلبي بطريقة منصفة متطلبات لاحقيه».

وبالتالي فكل جيل يحمل على عاتقه ضرورة تأمين مستقبل الأجيال القدمة، فالمحافظة على الطبيعة وثروتها حق إنساني مشترك يلزم تعاقدا حول مبدأ التوفير الطبيعي في إطار العدالة المنصفة التي تضمن استمرارية تدفق الحياة والثروات بين مختلف الأجيال.

 

III- خلاصة تركيبية

 

يتبين لنا من خلال ما سبق أن الواجبات الأخلاقية لا تنحصر في ما هو اجتماعي خصوصي محلي متعلق بخصوصية مجتمع ما (دوركهايم) أو موجه نحو ساكنة الأرض فقط (بيرغسون )، وإنما يتجاوز ذلك الى ما هو أبعد، إنها واجبات جيل تجاه جيل آخر وهي مرهونة بتحقيق مبدأ التضامن والتعاون الإنسانيين وبالتالي تأسيس عالم يحقق السعادة المشتركة للناس جميعا رغم اختلافاتهم الدينية واللغوية والعرقية.

  • لكن ما السعادة ؟
  • وما علاقتها بالواجب ؟
  • وكيف يمكن الحصول عليها ؟
  • وهل هي واحدة أم أنها متعددة بتعدد طرق تحصيلها ؟