الاجتماعيات أولى باك علوم - الدورة 1 الفرض 2 النموذج 1

فان ألمانيا لم تكتف بمزاحمة إنجلترا وفرنسا في الأسواق الأجنبية، وفي تملك المستعمرات في مختلف أرجاء العالم، بل صرح الإمبراطور الألماني بأن مستقبل بلاده مرهون بهدف أساسي هو السيطرة على البحار، والى جانب نظام الأحلاف ... يظهر ذلك من خلال تصميمه على خلق أسطول عظيم لألمانيا يعزز مكانتها الأولى بين الدول العظمى، وعاونه في تحقيق مشروعه وزير بحريته الشهير الأميرال تربتز الذي عمل على استكمال أسلحة الحرب البحرية وخاصة الطوربيد، وأجازت له الحكومة الألمانية قانونا بتعزيز الأسطول الألماني وزيادة وحداته وبحارته زيادة كبيرة حتى لا تكون ألمانيا بحرية دفاعية فحسب بل وهجومية أيضا.

وبدأت انجلترا في إطار هذا التنافس الإمبريالي تزيد من اهتمامها بالمسائل البحرية وذلك بإنشاء قاعدة بحرية كبيرة وبناء أربع سفن حربية كل عام، والاهتمام بتركيز الأسطول في المياه الإنجليزية. وهكذا زاد القلق في كل من الدولتين بسبب المشروعات البحرية التي تضعها الدولة الأخرى، وحاولت انجلترا تهدئة خواطر ألمانيا بأن أعلنت بأنها ستخفف قليلا الاهتمام بإنشاء سفن حربية.

أصبحت ألمانيا من الدول المعاهدة للمغرب مثل إنجلترا وإسبانيا منذ أن حصلت بواسطة معاهدة 1890 على امتيازات هامة لتجارتها في البلاد. سرعان أما أخذت بدئا من 1901 م تقدم نفسها للمغاربة كدولة صديقة لا أطماع لها في الاحتلال، تقدم المساندة الدبلوماسية والمشورة في كثير من المسائل التي يتواجه فيها المغرب مع فرنسا وإسبانيا على وجه الخصوص.

، فإن بداية القرن العشرين شهدت تعاونا متينا بين البلدين، حيث تجدر الإشارة إلى أن الجالية الألمانية بالمغرب تميزت بنشاطها وتفهمها لأذواق وتقاليد المستهلكين المغاربة، وتمكنت من تطوير معاملاتها بسرعة، حيث انتشر نشاط المؤسسات الألمانية في معظم أنحاء البلاد وخاصة بالجنوب، وأصبحت التجارة الألمانية منافسا خطيرا للتجارة الانجليزية والفرنسية. يضاف إلى هذا الدوافع الرأسمالية لرجال المال والأعمال الألمان وموقف الرأي العام الوطني الذي بدأ يطالب بسياسة خارجية تعطي لألمانيا مكانة لائقة بين الدول الكبرى.

كانت أزمة 1911 م مرحلة صعبة، ولكن الدولتين تمكنتا فيها من تحديد أهدافهما ومواقفهما. إذ طالبت ألمانيا بتعويض مقابل انسحابها من المغرب، وأشارت إلى إمكانية قبولها تعويضا بالكونغو. وعندما اقترحت فرنسا منح امتيازات اقتصادية مقابل اعترافها بالحماية الفرنسية على المغرب، رفض الجانب الألماني الاقتراح وجدد مطالبته بالكونفو الفرنسي كله كثمن للتخلي النهائي عن المغرب، مع المحافظة على امتيازات الألمان بهذا البلد. كما نبه الوزير الألماني إلى أن الرأي العام الألماني يعقد آمالا كبيرة على المغرب بل ويفكر في الحرب كوسيلة لمنع فرنسا من الاستحواذ على المغرب وحدها.

أما الطرف الفرنسي،فبين بأن الرأي العام الفرنسي لن يقبل التضحيات التي تطالب بها ألمانيا، وأوضح استحالة التخلي عن الكونفو كله، وفي شهر غشت تحسنت المفاوضات، وأظهر الجانب الألماني بعض اللين، حيث حدد أجزاء معينة من الكونغو، وطالب بضمانات لنشاط المؤسسات الألمانية بالجنوب المغربي.... ليحسم الأمر في نونبر 1911 م ويسدل الستار على الأزمة المغربية.