الامتحان الجهوي في التاريخ والجغرافيا - الدار البيضاء سطات 2021

على أن الاشتغال بتقوية الجيش لم يعق محمد بن عبد الرحمان عن توجيه العناية للإصلاح الاقتصادي والعمراني، من ذلك اهتمامه بالري اهتماما كبيرا حيث أجرى كثيرا من الأنهار بإحياء عيونها لتمد الفلاحين بالماء [...]. ومن إنجازاته الاقتصادية معمل السكر ومعمل البارود [...].

لكن على الصعيد الخارجي والداخلي كان من النتائج المباشرة لهزيمتي إيسلي وتطوان أن فقد مركزه الدولي وانتهى الاعتقاد بمناعة الجانب المغربي[...]؛ وهو ما أدى إلى اضطرابات داخلية وإلى فتح السوق المغربية على مصراعيها للتجارة الأجنبية، نالت منها إنجلترا عن طريق الضغط والتهديد بشن هجوم على الموانئ المغربية حظ الأسد، وذلك بمقتضى معاهدة دجنبر 1856 التي حددت في عشرة في المائة حقوق الجمرك على المنتوجات المستوردة.

ومفتاح فهم ظاهرة انخفاض العملة المغربية، بالرغم من كون النقود الفضية ذات قيمة كاملة، ومن كون الفضة قد ارتفع ثمنها العالمي في الخمسينيات، يكمن في كون البرونز قد غدا العيار الحقيقي للعملة المغربية [...]. وأن هذه الحقيقة باتت صارخة على إثر حرب تطوان التي قدم فيها المغرب تعويضات لإسبانيا قدرها مائة مليون بسيطة، كان دفع الربع المعجل منها كافيا لتصفية ما بقي في بيت المال من القطع الفضية [...].

 وأمام هذا التدهور، اضطر السلطان إلى إصدار ظهير جديد في ماي 1862 حدد فيه الريال بمقدار 32.5 أوقية التي كان قد بلغها في السوق، أملا في أن يضع حدا للارتفاع [...] وأمام فشل جميع جهود تثبيت العملة، قرر مولاي الحسن سنة 1881 أن يعطي للعملة عيارا فضيا، وذلك بأن يضرب باسمه في باريس [...] وأظهر السلطان سكته (عملته) الجديدة في بداية 1885م.

وخلاصة القول أن حركة الإصلاح في المغرب كانت تلقى معارضة من المحتمين بالجنسيات الأجنبية أصحاب الثروات، ومن الإقطاعيين مالكي الأراضي، ومن المتربعين على كرسي المناصب العليا للبلاد، وكانت هذه المعارضة كثيرا ما تستتر بفتاوى الفقهاء وآرائهم التقليدية [...].

ولم تكن بعض محاولات التجديد التي قام بها المخزن المغربي في هياكله الإدارية والعسكرية على يد السلطان الحسن الأول إلا لسد الذرائع ورتق الرقاع، فتجديد‏ الجيش كان الاعتماد فيه من حيث التدريب والتجهيز على العون الأجنبي، وطبيعي ألا يتحمس الأجنبي لأي إصلاح مغربي خطير عليه [...] كما أن مشاريع المعامل التي أراد السلاطين إقامتها كان نجاحها مرتبطا بنوايا الدول التي باعت أجهزتها للمغرب وتعهدت بالمساعدة على تسييرها.