الفلسفة ثانية باك

مفهوم الحق والعدالة (المحور الثاني : العدالة أساس الحق)

 

 

الأستاذ: هشام العلوي

 

الفهرس

 

I- البناء الإشكالي للمحور

II- المواقف والمقاربات الفلسفية

1-2/ أرسطو

2-2/ باروخ سبينوزا

3-2/ شيشرون

IV- خلاصة تركيبية

 


I- الطرح الإشكالي

 

إذا كانت السياسة هي فن تدبير شؤون الجماعة من خلال الدولة ومؤسساتها وأجهرتها المختلفة، وذلك بهدف تحقيق النظام والاستقرار والازدهار، فذلك يبقى مرهونا بتحقيق العدالة : عدالة قائمة على الحق لأنه قوامها وأساسها والمحدد لها، وهدا يظهر العلاقة الوطيدة بين الحق والعدالة رغم تمايزهما.

الحق = قاعدة عقلية توجه تصرفات الناس في علاقته مع غيره موضحة داخل هذه العلاقة ما له من حقوق وما عليه من واجبات
العدالة = ملكة في النفس تمنع من الاعتداء والظلم والرذائل كما تعنى خضوع الكل لسلطة القانون مع احترام كرامة كل فرد

إنها ثنائية الاتصال والانفصال بين هذا الزوج المفهومي وما تطرحه من إشكالات يمكن إجمالها فيما يلي :

  • ما طبيعة العلاقة بين الحق والعدالة ؟
  • من الذي يحكم الآخر ويؤسسه ؟ الحق أم والعدالة ؟
  • ألا يمكن وجود هناك علاقة علاقة ينصهر فيها كل من الحق والعدالة ؟

 

II- المواقف والمقاربات الفلسفية

 

1-2/ أرسطو

تتحدد العدالة حسب أرسطو من خلال نقيضها : إنه الظلم، ولكل منها دلالات عديدة :

العدالة والعادل :

  • ‌التصرف وفق القوانين
  • ‌العادل هو من يراعى المساواة
  • ‌السلوك العادل = الموافق للقانون والضامن للمساواة
  • ‌الأفعال الموافقة للقانون عادلة  

‌معاني الظلم والظالم

  • ‌المتعدي على القانون
  • ‌من يستحوذ على أكثر من حقه
  • ‌سلوك الظالم غير قانوني ومنافي للمساوة
  • ‌الأفعال المنافية للقانون ظالمة

يؤكد أرسطو أن القانون هو الفاصل بين العدالة والظلم ومصدر الأحكام والأفعال الشرعية المتعلقة بالحقوق والمكتسبات ضمن مبدأ المساواة، من أجل حماية مصالح الحكام أو المحكومين دون إفراط أو تفريط : إنها فضيلة العدل.

ـيعتبر أرسطو الفعل العادل مرتبطا بالقدرة على تحقيق او الحفاظ على سعادة أفراد المجتمع السياسي (ويعتبر أرسطو الغاية من وجود الدولة المنبثقة من الطبيعة الاجتماعية للانسان). وبهذا المعنى تصبح العدالة فضيلة كاملة لما تحدثه من أثر إيجابي وخير على المجموع، مما جعل أرسطو يرقى بقيمة العدالة القانونية ليجعلها أهم الفضائل على الإطلاق وأشملها، كما يظهر فى قوله " كل الفضائل توجد فى طي العدل "

نستنتج : لاعدالة بدون قانون والالتزام بالقانون هو ما يضمن الحق ويؤسسه في إطار المساواة بين أفراد المجتمع.

 

 

2-2/ باروخ سبينوزا

انتقل الإنسان في إطار عقد اجتماعي من حالة الطبيعة المتميزة بسيطرة الأهواء إلى المرحلة المدنية (الدولة والقوانين التعاقدية)، فتحرر الإنسان من الخوف ليدخل عالم الحرية المؤطر بقوانين مدنية في إطار الدولة الديمقراطية.

على جميع أفراد المجتمع احترام القوانين المدنية والمحافظة على الأمن والحرية تفاديا للفوضى أو الرجوع إلى حالة الطبيعة وقانون الغاب، وعليه يجب معاقبة كل انتهاك للقانون أو إلحاق الضرر بالغير.
هذه القوانين المجسدة للعدالة التي تعطي لكل ذي حق حقه في إطار المساواة بين جميع أفراد المجتمع هي العدالة القانونية الضامنة لكل الحقوق المدنية لجميع الأفراد دون تمييز في اللون أو العرق في إطار مجتمع ديمقراطي.

إذن العدالة تجسيد للحق وأساس له من خلال قوانينها التي تعطي كل ذي حق حقه في إطار الحرية والمساواة بين الجميع والعيش وفق مقتضيات العقل كغاية للدولة الديمقراطية

 

 

3-2/ شيشرون

ينطلق شيشرون من نقده للقوانين القائمة المشرعة من طرف المؤسسات، بمبرر أنها تحكمها المصالح والمنافع الخاصة بواضعيها وليس نشر العدالة والمساواة. كمثال : القوانين التي قد يفرضها الطغاة على الأثينيين غير عادلة حتى ولو قبلوا بها جميع،ا لماذا : لأنها نفعية أولا ومناقضة للقانون الطبيعي والطبيعة الإنسانية

موضوع القانون الطبيعي والذي يجد أصوله عند الرواقيين، يقول عنه شيشرون أنه القانون الحقيقي لأنه مطابق للطبيعة، إنه واحد و أبدي. هو ذاته في آثينا وفي روما. اليوم وغدا.

إذن هناك قانون واحد وثابت في كل مرتبط بالطبيعة البشرية الخيرة والعاقلة كأساس لكل الفضائل الأخرى كالكرم وحب الوطن وحب الناس واحترام المقدسات وامتلاك معيار للتمييز بين الحسن والقبيح ...كل هذا يتحقق من خلال هذه القاعدة والقانون الطبيعي الذي يميز ويحكم الإنسان ‏.

إذا أراد المشرع أن يضع قوانين عادلة وتخلق علاقات ايجابية بين الناس وتحقيق المساواة فعليه أن يصوغها وفق هذه الطبيعة، وإلا ظلت تلك القوانين غير عادلة تفصل الأرض عن السماء (الالوهية) والإنسان عن الإنسان (الصراع المستمر حول المصالح) فيغيب الحق العدل والمساواة.

الطبيعة الخيرة أساس الحق والعدالة. 

 

IV- خلاصة تركيبية

 

‌يقدم تاريخ الفكر السياسي مجموعة كبيرة من المواقف المتباينة بصدد إشكالية العلاقة بين الحق والعدالة، وذلك باختلاف المواقف والمدارس والعصور. ويمكن التمييز فيها بين :

  • ‌العدالة كأساس للحق : العدالة القانونية تؤسس الحق وتضمنه وتجسده (فضيلة)، يمثلها أرسطو واسبينوزا وآلان
  • ‌العدالة لا تتأسس على القانون (شيشرون)