الفلسفة ثانية باك

مجزوءة الوضع البشري (تقديم)

 

 

الأستاذ : حسن شدادي

 

الفهرس

 

I- تقديم عام

II- القدرات المستهدفة

III- الوضعية المشكلة

 


I- تقديم عام

 

قد تجتاح الواحد منا، في لحظة ما من حياته، رغبة كتابة سيرته الذاتية، ليحكي بتناسق وترتيب زمانيين ومنطقيين، سلسلة الوقائع التي حصلت في مسار حياته.وقد يلجأ يوميا إلى تدوين هذه الأحداث على شكل مذكرات. ولكل طريقته في السرد، بأسلوبه الخاص وباللغة التي يفضلها؛ لكن هناك دوما نقط مشتركة: تجربة الوعي بما يقع للذات في هذا العالم، وأهمية حضور الغير (آباء، أصدقاء، جيران، أقارب، مدرسون...)، وأهمية الزمن وتطوره، إذ الكتابة في حد ذاتها، سرد لتاريخ الشخص وتجاربه الماضية في علاقتها بالحاضر والمستقبل المأمول.

لذلك، يكتشف كاتب سيرته الذاتية، كما هو الأمر بالنسبة للأستاذ "محمد عابد الجابري" أن تجربته الذاتية في الحياة أو الوجود ليست معزولة عن الذوات والتجارب الإنسانية الأخرى ؛ فأناه الفردية تنتمي إلى أنا "جماعية"، والتجربة الجماعية هي تجربة تاريخية وزمنية مشتركة. وداخل هذه التجربة المشتركة يدرك الإنسان أنه يعيش وضعا بشريا له محددات وأبعاد موضوعية مثل: الزمن، المرض، الموت، التاريخ، الشغل، الوعي ... (البعد الموضوعي للوضع البشري)، إلا أنها مع ذلك لا تجعل منه موضوعا أو شيئا كباقي أشياء العالم التي تخضع خضوعا سلبيا لحتميات وقوانين الطبيعة. فهو كائن يقاوم، ويعدل، ويغير، يضع لنفسه مشروعا يسعى إلى تحقيقه، وفق أهداف نابعة من العقل، والوعي والإرادة.

إنه كائن وهو أيضا شخص عاقل، واع بذاته وبتاريخه وعالمه، وهو أيضا مسؤول، يحمل في ذاته كل القيم التي يرسخها في تفاعله مع الأغيار. (البعد الذاتي للوضع البشري).

  • ما محددات الوضع البشري ؟
  • هل وجود الإنسان في هذا العالم محكوم بالضرورة أم مفتوح على الحرية ؟

 

II- القدرات المستهدفة

 

  • إدراك ما يتسم به الوضع البشري من تداخل وتعقيد.
  • فهم الوضع الإشكالي للوجود البشري في توتره بين الخضوع للضرورة والتباعد عنها.
  • تحليل مفاهيم الشخص والغير والتاريخ في سياقاتها النظرية الفلسفية، وفهم ترابطاتها وتقاطعاتها، رهاناتها وامتداداتها.
  • اكتشاف الصعوبات والمفارقات التي يطرحها تحديد الوضع البشري.
  • مناقشة الأفكار والأطروحات والمواقف الفلسفية بنقدها والتعليق عليها.

 

III- الوضعية المشكلة

 

سيرة ذاتية

لا أتصور سيرة ذاتية خاصة لحياة فرد واحد اللهم إلا إذا كان الأمر يتعلق «بروبنسان كروزوي» أو ب «أبسال» قصة حى بن يقظان.

أنا فرد واحد من جيل، وكل فرد من أفراد هذا الجيل هو صورة للآخر، أناه الثانية. إن الصورة التي نشرتما جريدة [وطنية] تعود إلى عام 1947، وهي لتلامذة المدرسة التي درست فيها. أخذت هذه الصورة من أحد أصدقائي وبدأت أتأملها، لم أستطع اكتشاف نفسي إلا بصعوبة لأن الجميع متشابهون والجميع متراص ؛ وكذلك كانوا في الحياة العملية خلال طفولتهم، منهم من أصبح اليوم مهندسا أو طبيبا أو أستاذ جامعيا أو مقاول أو قاضيا أو موظفا كبيرا في جهاز الدولة أو تاجرا من كبار التجار.

لقد عاش هؤلاء جميعا التجربة نفسها التي عشتها، ولذلك فعندما كنت أكتب عن تجربتي، كنت أتكلم في نفس الوقت عن جيل بأكمله وعن مرحلة تاريخية بأكملها، عن مرحلة يمكن اعتبارها جسرا بين حياة القرون الوسطي وحياة القرن العشرين (...) وهكذا فالجوانب الشخصية والاجتماعية والوطنية قد فرضت نفسها على الكاتب فرضا.

محمد عابد الجابري، حفريات في الذاكرة مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان 1997، ص: 229 - 230

إن المتأمل لهذا النص البيوغرافي، يكتشف كيف يتصور الكاتب الوجود الإنساني وشروطه الذاتية والتفاعلية المحددة له. فهو لا ينظر إلى تجربته الذاتية في الحياة أو الوجود معزولة عن الذوات والتجارب الإنسانية الأخرى ؛ فأناه الفردية تنتمي إلي أنا "جماعية"، والتجربة الجماعية التي يتحدث باسمها هي تجربة تاريخية وزمنية مشتركة،

  • ما الذي يجعل "الذات" تشبه، وفي نفس الوقت تتميز عن الذوات الأخرى ؟
  • كيف تتناغم هوية الشخص مع هوية الجماعة، بحيث تعكس الواحدة الأخرى ؟
  • ما محددات الوضع البشري ؟
  • كيف تتداخل مفاهيم الشخص والغير والتاريخ في التحديد التضافري للإنسان ؟
  • وهل للفرد، تبعا لمبادراته الذاتية ووعيه، القدرة على إعادة بناء شروط وجوده ؟