درس النصوص 1-1 : الخطاب الإشهاري

يطمح الإشهار إلى تعريف الجمهور بمنتوج ما، والعمل على دفعه لاقتنائه. وهو ما يعني أن نجاح المشهر في مهنته رهين بحسن اختياره للوسائل والآليات التعبيرية، التي يرى أنها أكثر فعالية، لتمرير رسالته. لذلك نعتقد اعتقادا راسخاء بأن الخطاب الإشهاري دون غيره من الخطابات الأخرى يتميز ببناء محكم خاص تتضافر مختلف مكوناته التعبيرية، بقصد تبليغ رسالة وحيدة و محددة لا يمكن و لا ينبغي أبدا أن يخطئها القارئ المستهدف و الزبون المحتمل. و إلا أعتبر ذلك دليلا على فشله.

ولأن الخطاب الإشهاري مفهوم يحيل بشكل عام على أنواع مختلفة. باختلاف الوسائل الإعلامية من ملصق وجريدة وسينما وراديو وتلفاز، فإننا سنعتمد الصورة الإشهارية الثابتة نموذجا مما لها في تقديرنا من خصوصيات تكوينية مناسبة لطبيعتها الفضائية الجامدة. تؤهلها لأداء وظيفة تواصلية محددة على الوجه الأكمل.

يُجمع أغلب المنظرين على أعتبار الصورة الإشهارية الثابتة فضاء لتقاطع علامات عديدة. مختلفة ومتكاملة هي العلامات التشكيلية والأيقونية و اللغوية.

تتمثل العلامات التشكيلية أساسا، في مجموع العناصر المضافة للعلامة الأيقونية وتساهم معها في تكوين الصورة الإشهارية. وتتكون من الألوان والأشكال والتأليف...

أما العلامات الأيقونية، فهي مكون أساس من مكونات الصورة الاشهارية. لا لإعتبارها الآلية الوحيدة المساعدة على استتساخ الواقع، بل لما تضمرهِ من أبعاد إيحائية عديدة ومشبعة غالبا ما تتجاوز نطاق التماثل المادي للموضوع المنقول، وهي (الصورة) بذلك تريد أن تقول أكثر ما تعرضه في المرة الأولى.

أما العلامة اللغوية. فتعود ضرورة حضورها في بناء الرسالة الإشهارية إلى قدراتها التواصلية الخاضة والكفيلة سد الخصاص التعبيري الملحوظ في الوسائل الأخرى. وتحصين القراءة من كل أنزلاق محتمل، من شأنه الإخلال بالهدف الأساس للصورة. فاللغة في هذا المقام تؤدي وظيفة تحديد المعنى الأيقوني الصحيح لتفادي أخطاء التعيين المباشر.

لذلك نعتقد أن دراسة الرسالة اللغوية لن تكون شاملة ما لم تحظ بمستويين مختلفين ومتكاملين:

الأول : يخص مظهرها التشكيلي ما يؤديه هذا المظهر. بمختلف تجلياته. من دور هام في التجديد المباشر لمحتوى الرسالة. ويقصد به نوع وشكل الطباعة المعتمدة التي تشمل أبعادا إيحائية إضافية.
الثاني : يخص المضمون اللساني، وفيه يتم التركيز أساسا على محتوى الرسالة اللغوية المصاحبة للصورة الإشهارية. بهدف تحديد العلاقة التكاملية القائمة بينهما. وهنا لا بد من الإعتراف بالدور الهام الذي تقوم به الدراسة المعجمية والتركيبية، نحوية كانت أم بلاغية. في ضبط آليات إشتغال اللغة. لمؤازرة الصورة في مهمة الإيقاع بالمشاهد وتحويله إلى زبون.